بكى حارث الجولان من فقد ربه | وحوران منه خاشع متضائل |
لما أتى خبر الزبير تواضعت | سور المدينة والجبال الخشع |
الشمس طالعة ليست بكاسفة | تبكي عليك نجوم الليل والقمرا |
وأخرج الترمذي وجماعة عن أنس قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «ما من عبد إلا وله في السماء بابان باب يصعد منه عمله وباب ينزل منه رزقه فالمؤمن إذا مات فقداه وبكيا عليه وتلا هذه الآية فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ»
وذكر أنهم لم يكونوا يعملون على وجه الأرض عملا صالحا فتفقدهم فتبكي عليهم، ولم يصعد لهم إلى السماء من كلامهم ولا من عملهم كلام طيب ولا عمل صالح فتفقدهم فتبكي عليهم.
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان والحاكم وصححه وغيرهما عن ابن عباس قال: «إن الأرض لتبكي على المؤمن أربعين صباحا ثم قرأ الآية»
وأخرج ابن المنذر وغيره عن علي كرم الله تعالى وجهه أنه قال: إن المؤمن إذا مات بكى عليه مصلاه من الأرض ومصعد عمله من السماء ثم تلا فَما بَكَتْ
إلخ وجعلوا كل ذلك من باب التمثيل.
ومن أثبت كالصوفية للأجرام السماوية والأرضية وسائر الجمادات شعورا لائقا بحالها لم يحتج إلى اعتبار التمثيل وأثبت بكاء حقيقيا لها حسبما تقتضيه ذاتها ويليق بها أو أوله بالحزن أو نحوه وأثبته لها حسب ذلك أيضا.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن عطاء بكاء السماء حمرة أطرافها. وأخرج ابن أبي الدنيا عن الحسن نحوه، وأخرج عن سفيان الثوري قال: كان يقال هذه الحمرة التي تكون في السماء بكاء السماء على المؤمن ولعمري ينبغي لمن لم يضحك من ذلك أن يبكي على عقله، وأنا لا أعتقد أن من ذكر من الأجلة كانوا يعتقدونه، وقيل: إن الآية على تقدير مضاف أي فما بكت عليهم سكان السماء وهم الملائكة وسكان الأرض وهم المؤمنون بل كانوا بهلاكهم مسرورين.
وروي هذا عن الحسن والأحسن ما تقدم وَما كانُوا لما جاء وقت هلاكهم مُنْظَرِينَ ممهلين إلى وقت آخر أو إلى يوم القيامة بل عجل لهم في الدنيا وَلَقَدْ نَجَّيْنا بَنِي إِسْرائِيلَ بما فعلنا بفرعون وقومه ما فعلنا مِنَ