وَيُصْلِحُ بالَهُمْ أي شأنهم، قال الطبرسي: المراد إصلاح ذلك في العقبى فلا يتكرر مع ما تقدم لأن المراد به إصلاح شأنهم في الدين والدنيا فلا تغفل وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَها لَهُمْ في موضع الحال بتقدير قد أو بدونه أو استئناف كما قال أبو البقاء، والتعريف في الآخرة. أخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد أنه قال: يهدي أهل الجنة إلى بيوتهم ومساكنهم وحيث قسم الله تعالى لهم منها لا يخطئون كأنهم ساكنوها منذ خلقوا لا يستدلون عليها أحدا،
وفي الحديث «لأحدكم بمنزله في الجنة أعرف منه بمنزله في الدنيا»
وذلك بإلهام منه عزّ وجلّ، وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل أنه قال: بلغنا أن الملك الذي كان وكل بحفظ عمل الشخص في الدنيا يمشي بين يديه في الجنة ويتبعه الشخص حتى يأتي أقصى منزل هو له فيعرفه كل شيء أعطاه الله تعالى في الجنة فإذا انتهى إلى أقصى منزله في الجنة دخل إلى منزله وأزواجه وانصرف الملك عنه.
وورد في بعض الآثار أن حسناته تكون دليلا إلى منزله فيها، وقيل: إنه تعالى رسم على كل منزل اسم صاحبه وهو نوع من التعريف، وقيل: تعريفها تحديدها يقال: عرف الدار وأرفها أي حددها أي حددها لهم بحيث يكون لكل جنة مفرزة، وقيل: أي شرفها لهم ورفعها وعلاها على أن عرفها من الأعراف التي هي الجبال وما أشبهها، وعن ابن عباس في رواية عطاء. وروي عن مؤرج أي طيبها لهم على أنه من العرف وهو الريح الطيبة هاهنا، ومنه طعام معرف أي مطيب، وعرفت القدر طيبتها بالملح والتابل، وعن الجبائي أن التعريف في الدنيا وهو بذكر أوصافها، والمراد أنه تعالى لم يزل يمدحها لهم حتى عشقوها فاجتهدوا فيما يوصلهم إليها:
والأذن تعشق قبل العين أحيانا وعلى هذا المراد قيل:

اشتقاقه من قبل رؤيته كما تهوى الجنان بطيّب الأخبار
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ أي دينه ورسوله صلّى الله عليه وسلّم لا على أن الكلام على تقدير مضاف بل على أن نصرة الله فيه تجوز في النسبة فنصرته سبحانه نصرة رسوله ودينه إذ هو جل شأنه وعلا المعين الناصر وغيره سبحانه المعان المنصور يَنْصُرْكُمْ على أعدائكم ويفتح لكم وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ في مواطن الحرب ومواقفها أو على محجة الإسلام، والمراد يقويكم أو يوفقكم للدوام على الطاعة.
وقرأ المفضل عن عاصم «ويثبت» مخففا وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ من تعس الرجل بفتح العين تعسا أي سقط على وجهه، وضده انتعش أي قام من سقوطه. وقال شمر وابن شميل وأبو الهيثم وغيرهم: تعس بكسر العين، ويقال: تعسا له ونكسا على أن الأول. كما قال ابن السكيت. بمعنى السقوط على الوجه والثاني بمعنى السقوط على الرأس، وقال الحمصي في حواشيه على التصريح: تعس تعسا أي لا انتعش من عثرته ونكسا بضم النون وقد تفتح إما في لغة قليلة وإما اتباعا لتعسا، والنكس بالضم عود المرض بعد النقه، ويراد بذلك الدعاء، وكثر في الدعاء على العاثر تعسا له، وفي الدعاء له لعا له أي انتعاشا وإقامة، وأنشدوا قول الأعشى يصف ناقة:
كلفت مجهولة نفسي وشايعني همي عليها إذا ما آلها لمعا
بذات لوث عفرناة إذا عثرت فالتعس أولى لها من أن أقول لعا
وقال ثعلب وابن السكيت أيضا: التعس الهلاك، ومنه قول مجمع بن هلال:


الصفحة التالية
الموسوعة القرآنية Quranpedia.net - © 2024
Icon
تقول وقد أفردتها من حليلها تعست كما أتعستني يا مجمع