اتخاذ آلهة من دون الله تعالى كما اتخذت قريش فناسب ذكر قصتهما الآية التي قبلها.
فَلَمَّا جاءَهُمْ بِآياتِنا إِذا هُمْ مِنْها يَضْحَكُونَ أي فاجأهم الضحك منها أي استهزؤوا بها أول ما رأوها ولم يتأملوا فيها، وفي الكشاف جاز أن تجاب لما بإذا المفاجاة لأن فعل المفاجأة مقدر معها وهو عامل النصب في محلها كأنه قيل: فلما جاءهم بآياتنا فاجؤوا وقت ضحكهم. فالجواب عنده ذلك الفعل وهو العامل في لما، وقدر ماضيا لأنه المعروف في جوابها، وإذا مفعول به لا ظرف، وقال أبو حيان: لا نعلم نحويا ذهب إلى ما ذهب إليه هذا الرجل من أن إذا الفجائية تكون منصوبة بفعل مقدر تقديره فاجأ بل المذاهب فيها ثلاثة. الأول أنها حرف فلا تحتاج إلى عامل.
الثاني أنها ظرف مكان فإن صرح بعد الاسم بعدها بخبر له كان ذلك الخبر عاملا فيها نحو خرجت فإذا زيد قائم فقائم هو الناصب لها والتقدير خرجت ففي المكان الذي خرجت فيه زيد قائم. الثالث أنها ظرف زمان والعامل فيها الخبر أيضا كأنه قيل: ففي الزمان الذي خرجت فيه زيد قائم: وإذا لم يذكر بعد الاسم خبر أو ذكر اسم منصوب على الحال كانت إذا خبرا للمبتدأ: فإن كان جثة وقلنا: إذا ظرف مكان الأمر واضحا وإن قلنا ظرف زمان كان الكلام على حذف مضاف أي ففي الزمان حضور زيد ثم إن المفاجأة التي ادعاها لا يدل المعنى على أنها تكون من الكلام السابق بل يدل على أنها تكون من الكلام التي هي فيه تقول خرجت فإذا الأسد فالمعنى ففاجأني الأسد انتهى، وقال الخفاجي ما قيل إن نصبها بفعل المفاجأة المقدر هكذا لم يقله أحد من النحاة لا يلتفت إليه وتفصيله في شروح المغني وَما نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ من الآيات:
إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِها أي من آية مثلها في كونها آية دالة على النبوة واستشكل بأنه يلزم كون كل واحدة من الآيات فاضلة ومفضولة معا وهو يؤدي إلى التناقض وتفضيل الشيء على نفسه لعموم آية في النفي، وأجيب بأن الغرض من هذا الكلام انهن موصوفات بالكبر لا يكدن يتفاوتن فيه على معنى أن كل واحدة لكمالها في نفسها إذا نظر إليها قيل هي أكبر من البواقي لاستقلالها بإفادة المقصود على التمام كما قال الحماسي:
من تلق منهم تقل لاقيت سيدهم | مثل النجوم التي يسري بها الساري |
لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ لكي يرجعوا ويتوبوا عما هم عليه من الكفر وَقالُوا يا أَيُّهَا السَّاحِرُ قال الجمهور: وهو خطاب تعظيم فقد كانوا يقولون للعالم الماهر ساحر لاستعظامهم علم السحر، وحكاه في مجمع البيان عن الكلبي والجبائي، وقيل: المعنى يا غالب السحرة من ساحره فسحره كخاصمه فخصمه فهو خطاب تعظيم أيضا، وقيل: