وقال الفراء: أريد لون الفرس الورد يكون في الربيع إلى الصفرة، وفي الشتاء إلى الحمرة، وفي اشتداد البرد إلى الغبرة فشبه تلون السماء بتلون الورد من الخيل، وروي هذا عن الكلبي أيضا، وقال أبو الجوزاء: وَرْدَةً صفراء والمعول عليه إرادة الحمرة، ونصب وَرْدَةً على أنه خبر- كان- وفي الكلام تشبيه بليغ، وقرأ عبيد بن عمير «وردة» بالرفع على أن- كان- تامة أي فحصلت سماء وردة فيكون من باب التجريد لأنه بمعنى كانت منها، أو فيها سماء وردة مع أن المقصود أنها نفسها كذلك فهو كقول قتادة بن مسلمة:
فلئن بقيت لأرحلن بغزوة | نحو المغانم أو يموت كريم |
٨] وهو دردي الزيت، وهو ما جمع دهن كقرط وقراط، أو اسم لما يدهن به كالحزام والأدام، وعليه قوله في وصف عينين كثيرتي التذارف:
كأنهما مزادتا متعجل | فريان لما تدهنا بدهان |
الدهان الأديم الأحمر ومنه قول الأعشى:
وأجرد من كرام الخيل طرف | كأن على شواكله دهانا |
تبعن الدهان الحمر كل عشية | بموسم بدر أو بسوق عكاظ |
لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ لأنهم يعرفون بسيماهم وهذا في موقف، وما دل على السؤال من نحو قوله تعالى: فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ [الحجر: ٩٢] في موقف آخر قاله عكرمة وقتادة، وموقف السؤال على ما قيل: عند الحساب، وترك السؤال عند الخروج من القبور، وقال ابن عباس: حيث ذكر السؤال فهو سؤال توبيخ وتقرير، وحيث نفي فهو استخبار فحض عن الذنب، وقيل: المنفي هو السؤال عن الذنب نفسه والمثبت هو السؤال عن الباعث عليه، وأنت تعلم أن في الآيات ما يدل على السؤال عن نفس الذنب.
وحكى الطبرسي عن الرضا رضي الله تعالى عنه أن من اعتقد الحق ثم أذنب ولم يتب عذب في البرزخ ويخرج يوم القيامة وليس له ذنب يسأل عنه، ولعمري إن الرضا لم يقل ذلك، وحمل الآية عليه مما لا يلتفت إليه بعين الرضا كما لا يخفى، وضمير ذنبه للإنس وهو متقدم رتبة لأنه نائب عن الفاعل، وإفراده باعتبار اللفظ، وقيل: لما أن المراد فرد من الإنس كأنه قيل: لا يسأل عن ذنبه إنسي ولا جني، وقرأ الحسن وعمرو بن عبيد- ولا جأن- بالهمزة فرارا من التقاء الساكنين وإن كان على حدّه فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ يقال فيه نحو ما سمعت في سباقه