وعن السدي انهم اتخذوا ذلك جنة من ترك الصلاة عليهم إذا ماتوا، وهو كما ترى وكذا ما قبله.
فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أي من أراد الدخول في دين الإسلام أو من أراد فعل طاعة مطلقا على أن الفعل متعد، والمفعول محذوف، أو أعرضوا عن الإسلام حقيقة على أن الفعل لازم، وأيا ما كان فالمراد على ما قيل:
استمرارهم على ذلك، وحمل بعض الأجلة الأيمان على ما يعم ما حكي عنهم من الشهادة، ثم قال: واتخاذها جنة عبارة عن إعدادهم وتهيئتهم لها إلى وقت الحاجة ليحلفوا بها ويتخلصوا عن المؤاخذة لا عن استعمالها بالفعل فإن ذلك متأخر عن المؤاخذة المسبوقة بوقوع الجناية واتخاذ الجنة لا بد أن يكون قبل المؤاخذة، وعن سببها أيضا كما يفصح عنه الفاء في فَصَدُّوا أي من أراد الإسلام أو الإنفاق كما سيحكى عنهم، ولا ريب في أن هذا الصد متقدم على حلفهم، وقرىء- أي قرأ الحسن- «إيمانهم» بكسر الهمزة أي الذي أظهروه على ألسنتهم فاتخاذه جنة عبارة عن استعماله بالفعل فإنه وقاية دون دمائهم وأموالهم، فمعنى قوله تعالى: فَصَدُّوا فاستمروا على ما كانوا عليه من الصدود والاعراض عن سبيله تعالى انتهى، وفيه ما يعرف بالتأمل فتأمل إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ من النفاق وما يتبعه، وقد مر الكلام في ساءَ غير مرة ذلِكَ إشارة إلى ما تقدم من القول الناعي عليهم أنهم أسوأ الناس أعمالا أو إلى ما ذكر من حالهم في النفاق والكذب والاستجنان بالأيمان الفاجرة أو الإيمان الصوري، وما فيه من معنى البعد مع قرب العهد بالمشار إليه لما مر مرارا من الاشعار في مثل هذا المقام ببعد منزلته في الشر، وجوز ابن عطية كونه إشارة إلى سوء ما عملوا، فالمعنى ساء عملهم بِأَنَّهُمْ أي بسبب أنهم آمَنُوا أي نطقوا بكلمة الشهادة كسائر من يدخل في الإسلام ثُمَّ كَفَرُوا ظهر كفرهم وتبين بما اطلع عليه من قولهم: إن كان ما يقوله محمد حقا فنحن حمير، وقولهم في غزوة تبوك: أيطمع هذا الرجل أن تفتح له قصور كسرى وقيصر هيهات، وغير ذلك، و «ثم» على ظاهرها، أو لاستبعاد ما بين الحالين، أو ثم أسروا الكفر- فثم- للاستبعاد لا غير، أو نطقوا بالإيمان عند المؤمنين، ثم نطقوا بالكفر عند شياطينهم استهزء بالإسلام، وقيل: الآية في أهل الردة منهم.
فَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ حتى يموتوا على الكفر فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ حقيقة الإيمان أصلا.
وقرأ زيد بن علي «فطبع» بالبناء للفاعل وهو ضميره تعالى، وجوز أن يكون ضميرا يعود على المصدر المفهوم مما قبل- أي فطبع هو- أي تلعابهم بالدين، وفي رواية أنه قرأ فطبع الله مصرحا بالاسم الجليل، وكذا قرأ الأعمش وَإِذا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ لصباحتها وتناسب أعضائها وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ لفصاحتهم وذلاقة ألسنتهم وحلاوة كلامهم، وكان ابن أبيّ جسيما فصيحا يحضر مجلس رسول الله صلّى الله عليه وسلم في نفر من أمثاله كالجد بن قيس ومتعب بن قشير فكان عليه الصلاة والسلام ومن معه يعجبون من هياكلهم ويسمعون لكلامهم، والخطاب قيل:
لكل من يصلح له وأيد بقراءة عكرمة وعطية العوفي- يسمع- بالياء التحتية والبناء للمفعول، وقيل: لسيد المخاطبين عليه الصلاة والسلام، وهذا أبلغ على ما في الكشف لأن أجسامهم إذا أعجبته صلّى الله تعالى عليه وسلم فأولى أن تعجب غيره وكذا السماع لقولهم، وليوافق قوله تعالى: إِذا جاءَكَ والسماع مضمن معنى الإصغاء فليست اللام زائدة، وقوله تعالى: كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ كلام مستأنف لذمهم لا محل له من الإعراب، وجوز أن يكون في حيز الرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف أي هم كأنهم إلخ والكلام مستأنف أيضا، وأنت تعلم أن الكلام صالح للاستئناف من غير تقدير فلا حاجة إليه، وقيل: هو في حيز النصب على الحال من الضمير المجرور في لِقَوْلِهِمْ أي تسمع لما يقولون مشبهين بخشب مسندة كما في قوله:
فقلت:
نتائج البحث
الفهرس
-
-
[سورة البقرة (2) : الآيات 1 إلى 5] [سورة البقرة (2) : الآيات 6 إلى 10] [سورة البقرة (2) : الآيات 11 إلى 20] [سورة البقرة (2) : الآيات 21 إلى 28] [سورة البقرة (2) : الآيات 29 إلى 38] [سورة البقرة (2) : الآيات 39 إلى 59] [سورة البقرة (2) : الآيات 60 إلى 74] [سورة البقرة (2) : الآيات 75 إلى 90] [سورة البقرة (2) : الآيات 91 إلى 102] [سورة البقرة (2) : الآيات 103 إلى 123] [سورة البقرة (2) : الآيات 124 إلى 136] [سورة البقرة (2) : الآيات 137 إلى 141] [سورة البقرة (2) : الآيات 142 إلى 157] [سورة البقرة (2) : الآيات 158 إلى 179] [سورة البقرة (2) : الآيات 180 إلى 193] [سورة البقرة (2) : الآيات 194 إلى 213] [سورة البقرة (2) : الآيات 214 إلى 227] [سورة البقرة (2) : الآيات 228 إلى 252] [سورة البقرة (2) : الآيات 253 إلى 260] [سورة البقرة (2) : الآيات 261 إلى 276] [سورة البقرة (2) : الآيات 277 إلى 286]
-
[سورة آل عمران (3) : الآيات 1 إلى 13] [سورة آل عمران (3) : الآيات 14 إلى 26] [سورة آل عمران (3) : الآيات 27 إلى 37] [سورة آل عمران (3) : الآيات 38 إلى 47] [سورة آل عمران (3) : الآيات 48 إلى 63] [سورة آل عمران (3) : الآيات 64 إلى 82] [سورة آل عمران (3) : الآيات 83 إلى 92] [سورة آل عمران (3) : الآيات 93 إلى 97] [سورة آل عمران (3) : الآيات 98 إلى 115] [سورة آل عمران (3) : الآيات 116 إلى 137] [سورة آل عمران (3) : الآيات 138 إلى 153] [سورة آل عمران (3) : الآيات 154 إلى 164] [سورة آل عمران (3) : الآيات 165 إلى 177] [سورة آل عمران (3) : الآيات 178 إلى 189] [سورة آل عمران (3) : الآيات 190 إلى 200]
-
[سورة النساء (4) : الآيات 1 إلى 4] [سورة النساء (4) : الآيات 5 إلى 11] [سورة النساء (4) : الآيات 12 إلى 22] [سورة النساء (4) : آية 23] [سورة النساء (4) : الآيات 24 إلى 36] [سورة النساء (4) : الآيات 37 إلى 43] [سورة النساء (4) : الآيات 44 إلى 55] [سورة النساء (4) : الآيات 56 إلى 57] [سورة النساء (4) : الآيات 58 إلى 70] [سورة النساء (4) : الآيات 71 إلى 85] [سورة النساء (4) : الآيات 86 إلى 93] [سورة النساء (4) : الآيات 94 إلى 108] [سورة النساء (4) : الآيات 109 إلى 125] [سورة النساء (4) : الآيات 126 إلى 147] [سورة النساء (4) : الآيات 148 إلى 151] [سورة النساء (4) : الآيات 152 إلى 169] [سورة النساء (4) : الآيات 170 إلى 176]
-
[سورة المائدة (5) : الآيات 1 إلى 5] [سورة المائدة (5) : الآيات 6 إلى 11] [سورة المائدة (5) : الآيات 12 إلى 26] [سورة المائدة (5) : الآيات 27 إلى 37] [سورة المائدة (5) : الآيات 38 إلى 45] [سورة المائدة (5) : الآيات 46 إلى 58] [سورة المائدة (5) : الآيات 59 إلى 66] [سورة المائدة (5) : الآيات 67 إلى 81] [سورة المائدة (5) : الآيات 82 إلى 96]
-
[سورة الأنعام (6) : الآيات 1 إلى 12] [سورة الأنعام (6) : الآيات 13 إلى 35] [سورة الأنعام (6) : الآيات 36 إلى 55] [سورة الأنعام (6) : الآيات 74 إلى 83] [سورة الأنعام (6) : الآيات 84 إلى 110] [سورة الأنعام (6) : الآيات 111 إلى 128] [سورة الأنعام (6) : الآيات 129 إلى 142] [سورة الأنعام (6) : الآيات 143 إلى 147] [سورة الأنعام (6) : الآيات 148 إلى 165]
-
[سورة الأعراف (7) : الآيات 1 إلى 18] [سورة الأعراف (7) : الآيات 19 إلى 31] [سورة الأعراف (7) : الآيات 32 إلى 53] [سورة الأعراف (7) : الآيات 54 إلى 72] [سورة الأعراف (7) : الآيات 73 إلى 87] [سورة الأعراف (7) : الآيات 88 إلى 108] [سورة الأعراف (7) : الآيات 109 إلى 142] [سورة الأعراف (7) : الآيات 143 إلى 153] [سورة الأعراف (7) : الآيات 154 إلى 168] [سورة الأعراف (7) : الآيات 169 إلى 177] [سورة الأعراف (7) : الآيات 178 إلى 188] [سورة الأعراف (7) : الآيات 189 إلى 206]
عسى أن تبصريني كأنما | بني حواليّ الأسود الحوادر |