الإضمار مضافا إلى ضميرهم للتشريف والتعليل. وقرأ أبو حيوة «وقّاهم» بتشديد القاف كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً أي يقال لهم كُلُوا وَاشْرَبُوا أكلا وشربا هنيئا، أو طعاما وشرابا هنيئا، فالكلام بتقدير القول: وهَنِيئاً نصب على المصدرية لأنه صفة مصدر. أو على أنه مفعول به، وأيا ما كان فقد تنازعه الفعلان، والهنيء كل ما لا يلحق فيه مشقة ولا يعقب وخامه بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ أي بسببه أو بمقابلته والباء عليهما متعلق- بكلوا واشربوا، على التنازع، وجوز الزمخشري كونها زائدة وما بعدها فاعل هنيئا كما في قول كثير:
هنيئا مريئا غير داء مخامر | لعزة من أعراضنا ما استحلت (١) |
مَصْفُوفَةٍ مجعولة على صف وخط مستو وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ أي قرناهم بهن- قاله الراغب- ثم قال: ولم يجىء في القرآن زوجناهم حورا كما يقال زوجته امرأة تنبيها على أن ذلك لا يكون على حسب المتعارف فيما بيننا من المناكحة، وقال الفراء: تزوجت بامرأة لغة أزد شنوءة، والمشهور أن التزوج متعد إلى مفعول واحد بنفسه والتزويج متعد بنفسه إلى مفعولين، وقيل: فيما هنا أن الباء لتضمين الفعل معنى القرآن أو الإلصاق، واعترض بأنه يقتضي معنى التزويج بالعقد وهو لا يناسب المقام إذ العقد لا يكون في الجنة لأنها ليست دار تكليف أو أنها للسببية والتزويج ليس بمعنى الإنكاح بل بمعنى تصييرهم زوجين زوجين أي صيرناهم كذلك بسبب حور عين، وقرأ عكرمة بحور عين على إضافة الموصوف إلى صفته بالتأويل المشهور، وقوله تعالى: وَالَّذِينَ آمَنُوا إلخ كلام مستأنف مسوق لبيان حال طائفة من أهل الجنة إثر بيان حال الكل وهم الذين شاركتهم ذريتهم في الإيمان، والموصول مبتدأ خبره ألحقنا بهم، وقوله تعالى: وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ عطف على آمنوا، وقيل اعتراض للتعليل، وقوله تعالى: بِإِيمانٍ متعلق بالاتباع أي أتبعتهم ذريتهم بإيمان في الجملة قاصر عن رتبة إيمان الآباء إما بنفسه بناء على تفاوت مراتب نفس الإيمان، وإما باعتبار عدم انضمام أعمال مثل أعمال الآباء اليه، واعتبار هذا القيد للإيذان بثبوت الحكم في الإيمان الكامل أصالة لا إلحاقا قيل: هو حال من الذرية، وقيل: من الضمير وتنوينه للتعظيم، وقيل: منهما وتنوينه للتنكير
(١) هذا البيت من قصيدة مشهورة لكثير أولها
قيل كان كثير في حلقة البصرة ينشد أشعاره فمرت به عزة مع زوجها فقال لها: أغضبيه فاستحيت من ذلك فقال لتغضبنه أو لأضربنك فدنت من الحلقة فأغضبته، وذلك أن قالت: هذا وهذا بفم الشاعر فقال ذلك.
خليلي هذا ربع عزة فاعقلا | قلوصيكما ثم احللا حيث حلت |