جماعة منهم مسروق وربيعة وأبو سلمة والشعبي وأصبغ: هو كتحريم الماء والطعام لا يلزمه شيء، وقال أبو بكر وعمر وزيد وابن مسعود وابن عباس وعائشة وابن المسيب وعطاء وطاوس وسليمان بن يسار وابن جبير وقتادة والحسن والاوزاعي وأبو ثور وجماعة: هو يمين يكفرها، وابن عباس أيضا في رواية، والشافعي في قول في أحد قوليه: فيه تكفير يمين وليس بيمين، وأبو حنيفة يرى تحريم الحلال يمينا في كل شيء، ويعتبر الانتفاع المقصود فيما يحرمه فإذا حرم طعاما فقد حلف على عدم أكله أو أمة فعلى وطئها أو زوجة فعلى الإيلاء منها إذا لم تكن له نية فإن نوى الظهار فظهار وإن نوى الطلاق فطلاق بائن، وكذلك إن نوى اثنتين (١) وإن نوى ثلاثا فكما نوى، وإن قال: نويت الكذب دين بينه وبين الله تعالى، ولكن لا يدين في قضاء الحاكم بإبطال الإيلاء لأن اللفظ إنشاء في العرف، وقال جماعة: إن لم يرد شيئا فهو يمين، وفي التحرير قال أبو حنيفة وأصحابه: إن نوى الطلاق فواحدة بائنة أو اثنتين فواحدة أو ثلاثا فثلاث. أو لم ينو شيئا فمول. أو الظهار فظهار، وقال ابن القاسم: لا تنفعه نية الظهار ويكون طلاقا، وقال يحيى بن عمر: يكون كذلك فإن ارتجعها فلا يجوز له وطؤها حتى يكفر كفارة الظهار، ويقع ما أراد من إعداده فإن نوى واحدة فرجعية وهو قول للشافعي، وقال الأوزاعي وسفيان وأبو ثور: أي شيء نوى به من الطلاق وقع وإن لم ينو شيئا فقال سفيان: لا شيء عليه، وقال الاوزاعي وأبو ثور: تقع واحدة، وقال ابن جبير: عليه عتق رقبة وإن لم يكن ظهارا، وقال أبو قلابة وعثمان وأحمد وإسحاق: التحريم ظهار ففيه كفارته، وعن الشافعي إن نوى أنها محرمة كظهر أمه فظهار، أو تحريم عينها بغير طلاق، أو لم ينو فكفارة يمين، وقال مالك: يقع ثلاث في المدخول بها وما أراد من واحدة أو ثنتين. أو ثلاث في غير المدخول بها، وقال ابن أبي ليلى وعبد الملك ابن الماجشون: تقع ثلاث في الوجهين، وروى ابن خويزمنداد عن مالك، وقاله زيد وحماد بن أبي سليمان: تقع واحدة بائنة فيهما، وقال الزهري وعبد العزيز بن الماجشون: واحدة رجعية، وقال أبو مصعب ومحمد بن عبد الحكم: يقع في التي لم يدخل بها واحدة وفي المدخول بها ثلاث، وفي الكشاف لا يراه الشافعي يمينا ولكن سببا في الكفارة في النساء وحدهن، وأما الطلاق فرجعي عنده، وعن علي كرم الله تعالى وجهه ثلاث، وعن زيد واحدة بائنة، وعن عثمان ظهار، وأخرج البخاري ومسلم وابن ماجة والنسائي عن ابن عباس أنه قال: من حرم امرأته فليس بشيء.
وقرأ لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [الأحزاب: ٢١] وللنسائي أنه أتاه رجل فقال: جعلت امرأتي عليّ حراما قال: كذبت ليست عليك بحرام ثم تلا هذه الآية يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ عليك أغلظ الكفارة عتق رقبة إلى غير ذلك من الأقوال، وهي في هذه المسألة كثيرة جدا، وفي نقل الأقوال عن أصحابها اختلاف كثير أيضا، واحتج بما في هذه الآية من فرض تحليلها بالكفارة إن لم يستثن من رأى التحريم مطلقا، أو تحريم المرأة يمينا لأنه لو لم يكن يمينا لم يوجب الله تعالى فيه كفارة اليمين هنا.
وأجيب بأنه لا يلزم من وجوب الكفارة كونه يمينا لجواز اشتراك الأمرين المتغايرين في حكم واحد فيجوز أن تثبت الكفارة فيه لمعنى آخر، ولو سلم أن هذه الكفارة لا تكون إلا مع اليمين فيجوز أن يكون صلّى الله تعالى عليه وسلم أقسم مع التحريم فقال في مارية: «والله لا أطؤها» أو في العسل «والله لا أشربه» وقد رواه بعضهم فالكفارة لذلك اليمين لا للتحريم وحده، والله تعالى أعلم.

(١) قوله: وكذلك إن نوى اثنتين، وقال بعض الحنفية: هذا عند أبي يوسف ومحمد، وعند أبي حنيفة لا يصح نية الثنتين وتقع واحدة اه طيبي اه منه.


الصفحة التالية
Icon