وَأَمْدَدْناهُمْ بِفاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ أي وزدناهم على ما كان لهم من مبادي التنعم وقتا فوقتا مما يشتهون من فنون النعماء وألوان الآلاء، وأصل المدّ الجر، ومنه المدّة للوقت الممتد ثم شاعر في الزيادة، وغلب الإمداد في المحبوب، والمدّ في المكروه وكونه وقتا بعد وقت مفهوم المدّ نفسه يَتَنازَعُونَ فِيها كَأْساً أي يتجاذبونها في الجنة هم وجلساؤهم تجاذب ملاعبة كما يفعل ذلك الندامى بينهم في الدنيا لشدة سرورهم قال الأخطل:
نازعته طيب الراح الشمول وقد | صاح الدجاج وحانت وقعة الساري |
أخرج عبد الرزاق ابن جرير وابن المنذر عن قتادة قال: «بلغني أنه قيل: يا رسول الله هذا الخادم مثل اللؤلؤ فكيف بالمخدوم؟ فقال عليه الصلاة والسلام:
«والذي نفسي بيده إن فضل ما بينهم كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب»
وروي «أن أدنى أهل الجنة منزلة من ينادي الخادم من خدامه فيجيء ألف ببابه لبيك لبيك».
وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ أي يسأل كل بعض منهم بعضا آخر عن أحواله وأعماله فيكون كل بعض سائلا ومسؤولا لا أنه يسأل بعض معين منهم بعضا آخر معينا ثم هذا التساؤل في الجنة كما هو الظاهر. وحكى الطبري عن ابن عباس أنه إذا بعثوا في النفخة الثانية ولا أراه يصح عنه لبعده جدا قالُوا أي المسئولون وهم كل واحد منهم في الحقيقة إِنَّا كُنَّا قَبْلُ أي قبل هذا الحال فِي أَهْلِنا مُشْفِقِينَ أرقاء القلوب خائفين من عصيان الله عز وجل معتنين بطاعته سبحانه، أو وجلين من العاقبة، وفِي أَهْلِنا قيل: يحتمل أنه كناية عن كون ذلك في الدنيا، ويحتمل أن يكون بيانا لكون إشفاقهم كان فيهم وفي أهلهم لتبعيتهم لهم في العادة ويكون قوله تعالى: فَمَنَّ