يَغْشاها
[الشمس: ٤] أو النهار كقوله تعالى يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ [الأعراف: ٥٤، الرعد: ٣] أو كل ما يواريه في الجملة بظلامه والمقسم به في الأوجه الثلاث الليل كله وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى ظهر بزوال ظلمة الليل أو تبين وانكشف بطلوع الشمس والأول على تقدير كون المغشي النهار أو كل ما يوارى إذ مآلهما اعتبار وجود الظلام. والثاني على تقدير كونه الشمس إذ مآله اعتبار غروبها فيحسن التقابل بين القرينتين على ذلك واختلاف الفعلين مضيا واستقبالا قد تقدم الكلام فيه. وقرأ عبد الله بن عبيد بن عمير «تتجلى» بتاءين على أن الضمير للشمس وقرىء «تجلى» بضم التاء وسكون الجيم على أن الضمير لها أيضا وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى أي والقادر العظيم القدرة الذي خلق صنفي الذكر والأنثى من الحيوان المتصف بذلك وقيل من بني آدم. وقال ابن عباس والحسن والكلبي: المراد بالذكر آدم عليه السلام، وبالأنثى حواء رضي الله تعالى عنها وأيّا ما كان فما موصولة بمعنى من وأوثرت عليها لإرادة الوصفية على ما سمعت وتحتمل المصدرية وليس بذاك. وقرىء «والذي خلق». وقرأ ابن مسعود
«والذكر والأنثى» وتبعه ابن عباس كما أخرج ذلك ابن النجار في تاريخ بغداد من طريق الضحاك عنه ونسبت لعليّ كرم الله تعالى وجهه
وأخرج البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وغيرهم من علقمة أنه قدم الشام فجلس إلى أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه فقال له أبو الدرداء ممّن أنت؟ فقال: من أهل الكوفة قال: كيف سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقرأ وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى؟ قال علقمة: «والذكر والأنثى» فقال أبو الدرداء: أشهد أني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقرأ هكذا وهؤلاء
يريدوني على أن أقرأ وما خلق الذكر والأنثى والله لا أتابعهم وأنت تعلم أن هذه قراءة شاذة منقولة آحادا لا تجوز القراءة بها لكنها بالنسبة إلى من سمعها من النبيّ عليه الصلاة والسلام في حكم المتواترة نجوز قراءته بها وذكر ثعلب أن من السلف من قرأ «وما خلق الذكر» بجر الراء وحكاها الزمخشري عن الكسائي وخرجوا ذلك على البدل من ما بمعنى وما خلقه الله أي ومخلوق الله الذكر والأنثى. قيل: وقد يخرج على توهم المصدر بناء على مصدرية ما أي وخلق الذكر والأنثى كما في قوله:
تطوف العفاة بأبوابه | كما طاف بالبيعة الراهب |