صالحها. فيقول الله عز وجل: صدقت يا عرشي ولأمة محمد عليه الصلاة والسلام عندي من الكرامة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر
وفي رواية عن كعب: نزول جميع ملائكة سدرة المنتهى مع جبريل عليهم السلام ولا يعلم عددهم إلّا الله تعالى وأن جبريل عليه السلام لا يدع أحدا من الناس إلّا صافحه.
وفي رواية لا يدع مؤمنا ولا مؤمنة إلّا سلم عليه إلّا مدمن الخمر وآكل لحم الخنزير والمتضمخ بالزعفران، وإن علامة مصافحته عليه السلام اقشعرار الجلد ورقة القلب ودمع العينين.
وروي في نزوله مع الملائكة عليهم السلام وعروجه معهم غير ذلك، وقد ذكر بعضا من ذلك الإمام وغيره ونسأل الله تعالى صحة الأخبار.
وذكر بعضهم أن جبريل عليه السلام يقسم تلك الليلة ما ينزل من رحمة الله تعالى يستغرق أحياء المؤمنين فيقول: يا رب بقي من الرحمة كثير فما أصنع به؟ فيقول الله عز وجل: قسم على أموات أمة محمد صلّى الله عليه وسلم. فيقسم حتى يستغرقهم فيقول: يا رب بقي من الرحمة كثير فما أصنع به؟ فيقول سبحانه وتعالى قسمه على الكفار فيقسمه عليهم فمن أصابه منهم شيء من تلك الرحمة مات على الإيمان.
بِإِذْنِ رَبِّهِمْ متعلق بتنزل أو بمحذوف هو حال من فاعله أي ملتبسين بإذن ربهم أي بأمره عز وجل، والتقييد بذلك لتعظيم أمر تنزلهم. وقيل الإشارة إلى أنهم يرغبون في أهل الأرض من المؤمنين ويشتاقون إليهم فيستأذنون فيؤذن لهم وفيه نوع ترغيب في الاجتهاد في الطاعة. واستشكل أمر هذه الرغبة مع كثرة المعاصي، وأجيب بأنهم غير واقفين على تفاصيلها أو لم يعتبروها مانعة من ذلك لأنهم يرون من أنواع الطاعات ما لا يرونه في السماء، أو ليسمعوا أنين العصاة التائبين.
ففي الحديث القدسي: «لأنين المذنبين أحب إليّ من زجل المسبحين».
أو ليجتمعوا مع من بينه وبينهم مناسبة من الصديقين أداء لمراسم المحبة فإن أرواح الصديقين المتجردة عن جلابيب الأبدان لم تزل تزور الملائكة عليهم السلام في مواضعهم بعروجها إليهم، فناسب أن تزورهم ولملائكة عليهم السلام في زواياهم وإن اقتضى ذلك الاجتماع مع غيرهم ممن ليسوا كذلك فإنه أمر تبعي.
ولأجل عين ألف عين تكرم مِنْ كُلِّ أَمْرٍ أي من أجل كل أمر تعلق به التقدير في تلك السنة إلى قابل، وأظهره سبحانه وتعالى لهم قاله غير واحد فمن بمعنى اللام التعليلية متعلقة بتنزل. قال عصام الدين: فإن قلت المقدرات لا تفعل في تلك الليلة بل في تمام السنة فلماذا تنزل الملائكة عليهم السلام فيها لأجل تلك الأمور؟ قلت: لعل تنزلهم لتعيين إنفاذ تلك الأمور لهم وتنزلهم لأجل كل أمر ليس على معنى تنزل كل واحد لأجل كل أمر، ولا تنزل كل واحد لأمر بل على معنى تنزل الجميع لأجل جميع الأمور حتى يكون في الكلام تقسيم العلل على المعلولات، انتهى. وأقول: يمكن أن يكون تنزلهم لإعداد القوابل لقبول ما أمروا به، وأشار بما ذكره من التقسيم إلى أنه يجوز أن يكون نزول الواحد منهم لعدة أمور وقولهم من أجل كل أمر تعلق إلخ قد تقدم ما فيه من البحث فتذكر. وقال أبو حاتم: مِنْ بمعنى الباء أي تنزل بكل أمر، فقيل: أي من الخير والبركة، وقيل: من الخير والشر. وجعلت الباء عليه للسببية فيرجع المعنى إلى نحو ما مرّ. ومنهم من جعلها للملابسة والمراد بملابستهم له ملابستهم للأمر به فكأنه قيل: تنزل الملائكة وهم مأمورون بكل أمر يكون في السنة، وكونهم يتنزلون وهم كذلك لا يستدعي فعلهم جميع ما أمروا به في تلك الليلة والظاهر على ما قالوا أن المراد بالملائكة المدبرات إذ غيرهم لا تعلق له في الأمور التي تعلق بها التقدير ليتنزلوا لأجلها على المعنى السابق


الصفحة التالية
Icon