كل من الإسرار والجهار ومنتهاه، وباعتبار منتهى الجمع بينهما لئلا ينافي عموم الأوقات السابق، ويحسن اعتبار ذلك وإن اعتبر عمومها عرفيا كما في لا يضع العصا عن عاتقه وجِهاراً منصوب بدعوتهم على المصدرية لأنه أحد نوعي الدعاء كما نصب القرفصاء في قعدت القرفصاء عليها لأنها أحد أنواع القعود أو أريد بدعوتهم جاهرتهم أو صفة لمصدر محذوف أي دعوتهم دعاء جهارا أي مجاهرا بفتح الهاء به أو مصدر في موقع الحال أي مجاهرا بزنة اسم الفاعل فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ بالتوبة عن الكفر والمعاصي فإنه سبحانه لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ [النساء
: ٤٨، ١١٦] وقال ربكم تحريكا لداعي الاستغفار إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً دائم المغفرة كثيرها للتائبين كأنهم تعللوا وقالوا إن كنا على الحق فكيف نتركه وإن كنا على الباطل فكيف يقبلنا، ويلطف بنا جل وعلا بعد ما عكفنا عليه دهرا طويلا فأمرهم بما يمحق ما سلف منهم من المعاصي ويجلب إليهم المنافع ولذلك وعدهم على الاستغفار بأمور هي أحب إليهم وأوقع في قلوبهم من الأمور الأخروية أعني ما تضمنه يُرْسِلِ السَّماءَ إلخ وأجبتهم لذلك لما جبلوا عليه من محبة الأمور الدنيوية.
والنفس مولعة بحب العاجل قال قتادة: كانوا أهل حب للدنيا فاستدعاهم إلى الآخرة من الطريق التي يحبونها وقيل لما كذبوه عليه الصلاة والسلام بعد تكرير الدعوة حبس الله تعالى عنهم القطر وأعقم أرحام نسائهم أربعين سنة وقيل سبعين سنة فوعدهم أنهم إن آمنوا يرزقهم الله تعالى الخصب ويدفع عنهم ما هم فيه وهو قوله يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً أي كثير الدر ورأى السيلان والسماء السحاب أو المطر ومن إطلاقها على المطر وكذا على النبات أيضا قوله:
إذا نزل السماء بأرض قوم | رعيناه وإن كانوا غضابا |
استغفر الله تعالى وأتاه آخر فشكا إليه الفقر فقال له استغفر الله تعالى، وأتاه آخر فقال: ادع الله سبحانه أن يرزقني ابنا فقال له استغفر الله تعالى، وأتاه آخر فشكا إليه جفاف بساتينه فقال له: استغفر الله تعالى فقلنا أتاك رجال يشكون ألوانا ويسألون أنواعا فأمرتهم كلهم بالاستغفار فقال: ما قلت من نفسي شيئا إنما اعتبرت قول الله