وحكى الشعبي أن رجلا أتى مع امرأته شريحا في عطية أعطتها إياه وهي تطلب أن ترجع فقال شريح: ردها عليها فقال الرجل: أليس قد قال الله تعالى: فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ قال: لو طابت نفسها عنه لما رجعت فيه، وعنه ولا أقيلها وهبت ولا أقيله لأنهن يخدعن والذي عليه الحنفيون أن الزوجة إذا وهبت شيئا للزوج ليس لها الرجوع فيه بل ذكر ابن هبيرة اتفاق الأئمة الأربعة على أنه ليس لأحد من الزوجين الرجوع فيما وهب لصاحبه.
وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ رجوع إلى بيان بقية الأحكام المتعلقة بأموال اليتامى وتفصيل ما أجمل فيما سبق من شرط إيتائها وكيفيته إثر بيان الأحكام المتعلقة بالأنفس أعني النكاح، وبيان بعض الحقوق المتعلقة بالأجنبيات من حيث النفس ومن حيث المال استطرادا إذ الخطاب- كما يدل عليه كلام عكرمة- للأولياء، وصرح هو وابن جبير بأن المراد من السُّفَهاءَ اليتامى، ومن أَمْوالَكُمُ أموالهم وإنما أضيفت إلى ضمير الأولياء المخاطبين- تنزيلا لاختصاصها بأصحابها منزلة اختصاصها بهم فكأن أموالهم عين أموالهم لما بينهم وبينهم من الاتحاد الجنسي والنسبي- مبالغة في حملهم على المحافظة عليها، ونظير ذلك قوله تعالى: وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ [النساء: ٢٩] فإن المراد لا يقتل بعضكم بعضا إلا أنه عبر عن نوعهم بأنفسهم مبالغة في الزجر عن القتل حتى كأن قتلهم قتل أنفسهم، وقد أيد ذلك بما دل عليه قوله سبحانه: الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِياماً حيث غير عن جعلها مناطا لمعاش أصحابها بجعلها مناطا لمعاش الأولياء، ومفعول جعل الأول محذوف وهو ضمير الأموال، والمراد من


الصفحة التالية
Icon