إن الشباب والفراغ والجده مفسدة للمرء أي مفسده
وروي عن جعفر الصادق رضي الله تعالى عنه- أن حواء عليها السلام أخذت حفنة من الحنطة وأكلت وأخذت أخرى وخبأتها ثم أخرى ودفعتها إلى آدم عليه السلام فلما جعلت نصيب نفسها ضعف نصيب الرجل قلب الأمر عليها فجعل نصيب المرأة نصف نصيب الرجل-
ذكره بعضهم ولم أقف على صحته، ثم محل الإرث إن لم يقم مانع كالرق والقتل واختلاف الدين كما لا يخفى، واستثني من العموم الميراث من النبي صلّى الله عليه وسلم بناء على القول بدخوله صلّى الله عليه وسلم في العمومات الواردة على لسانه عليه الصلاة والسلام المتناولة له لغة، والدليل على الاستثناء
قوله صلّى الله عليه وسلم: «نحن معاشر الأنبياء لا نورث»
وأخذ الشيعة بالعموم وعدم الاستثناء وطعنوا بذلك على أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه حيث لم يورث الزهراء رضي الله تعالى عنها من تركة أبيها صلّى الله عليه وسلم حتى قالت له بزعمهم:
يا ابن أبي قحافة أنت ترث أباك وأنا لا أرث أبي أي إنصاف هذا،
وقالوا: إن الخبر لم يروه غيره وبتسليم أنه رواه غيره أيضا فهو غير متواتر بل آحاد، ولا يجوز تخصيص الكتاب بخبر الآحاد بدليل أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه رد خبر فاطمة بنت قيس أنه لم يجعل لها سكنى ولا نفقة لما كان مخصصا لقوله تعالى: أَسْكِنُوهُنَّ [الطلاق: ٦] فقال: كيف نترك كتاب ربنا وسنة نبينا صلى الله تعالى عليه وسلم بقول امرأة. فلو جاز تخصيص الكتاب بخبر الآحاد لخصص به ولم يرده ولم يجعل كونه خبر امرأة مع مخالفته للكتاب مانعا من قبوله، وأيضا العام- وهو الكتاب- قطعي، والخاص- وهو خبر الآحاد- ظني فيلزم ترك القطعي بالظني.
وقالوا أيضا: إن مما يدل على كذب الخبر قوله تعالى: وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ [النمل: ١٦] وقوله سبحانه حكاية عن زكريا عليه السلام: فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ [مريم: ٦] فإن ذلك صريح في أن الأنبياء يرثون ويورثون، والجواب أن هذا الخبر قد رواه أيضا حذيفة بن اليمان والزبير بن العوام وأبو الدرداء وأبو هريرة والعباس وعلي وعثمان وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص،
وقد أخرج البخاري عن مالك بن أوس ابن الحدثان أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال بمحضر من الصحابة فيهم علي والعباس وعثمان وعبد الرحمن ابن عوف والزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص: أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض أتعلمون أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قال: لا نورث ما تركناه صدقة؟ قالوا: اللهم نعم، ثم أقبل على عليّ والعباس فقال:
أنشدكما بالله تعالى هل تعلمان أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قد قال ذلك؟ قالا: اللهم نعم،
فالقول بأن الخبر لم يروه إلا أبو بكر رضي الله تعالى عنه لا يلتفت إليه، وفي كتب الشيعة ما يؤيده،
فقد روى الكليني في الكافي عن أبي البختري في الكافي عن أبي عبد الله جعفر الصادق رضي الله تعالى عنه أنه قال: «إن العلماء ورثة الأنبياء وذلك أن الأنبياء لم يورثوا درهما ولا دينارا وإنما ورثوا أحاديث فمن أخذ بشيء منها فقد أخذ بحظ وافر»
وكلمة إنما مفيدة للحصر قطعا باعتراف الشيعة فيعلم أن الأنبياء لا يورثون غير العلم والأحاديث.
وقد ثبت أيضا بإجماع أهل السير والتواريخ وعلماء الحديث أن جماعة (١) من المعصومين عند الشيعة والمحفوظين عند أهل السنة عملوا بموجبه فإن تركة النبي صلى الله تعالى عليه وسلم لما وقعت في أيديهم لم يعطوا منها العباس ولا بنيه ولا الأزواج المطهرات شيئا ولو كان الميراث جاريا في تلك التركة لشاركوهم فيها قطعا، فإذا ثبت من مجموع ما ذكرنا التواتر فحبذا ذلك لأن تخصيص القرآن بالخبر المتواتر جائز اتفاقا وإن لم يثبت وبقي الخبر
(١) كعلي كرم الله تعالى وجهه والحسن والحسين وعلي بن الحسين والحسن بن الحسن رضي الله تعالى عنهم اهـ منه.


الصفحة التالية
Icon