وهذا نص في نفي الحلول ومنشأ غلط المحجوبين المنكرين عدم الفهم لكلام هؤلاء السادة نفعنا الله تعالى بهم على وجهه، وعدم التمييز بين الحلول والتجلي ولم يعلموا أن كون الشيء مجلي لشيء ليس كونه محلا له، فإن الظاهر في المرآة خارج عن المرآة بذاته قطعا بخلاف الحال في محل فإنه حاصل فيه فالظهور غير الحلول فإن الظهور في المظاهر للواسع القدوس يجامع التنزيه بخلاف الحلول، نعم وقع في كلامهم التعبير بالحلول ومرادهم به الظهور، ومن ذلك قوله:
يا قبلتي قابليني بالسجود فقد | رأيت شخصا لشخص فيه قد سجدا |
لاهوته حل ناسوتي فقدسني | إني عجبت لمثلي كيف ما عبدا |
ومن الاتفاقات الغريبة ما نقله مولانا راغب باشا رحمه الله تعالى ملخصا من تعريفات أبي البقاء قال: قال الإمام العلامة محمد بن سعيد الشهير بالبوصيري نور الله تعالى ضريحه: إن بعض النصارى انتصر لدينه وانتزع من البسملة الشريفة دليلا على تقوية اعتقاده في المسيح عليه السلام وصحة يقينه به فقلب حروفها ونكر معروفها وفرق مألوفها وقدّم فيها وأخر وفكر وقدّر. فقتل كيف قدّر ثم عبس وبسر ثم أدبر واستكبر، فقال: قد انتظم من البسملة المسيح ابن الله المحرر، فقلت له: حيث رضيت البسملة بيننا وبينك حكما وحزت منها أحكاما وحكما فلتنصرن البسملة منا الأخيار على الأشرار، ولتفضلن أصحاب الجنة على أصحاب النار إذ قد قالت لك البسملة بلسان حالها: إنما الله المسيح راحم النحر لأمم لها المسيح رب، ما برح الله راحم المسلمين، سل ابن مريم أحل له الحرام، لا المسيح ابن الله المحرر، لا مرحم للئام أبناء السحرة رحم حرّ مسلم أناب إلى الله، لله نبي مسلم حرم الراح، ربح رأس مال كلمة الإيمان، فإن قلت: إنه عليه السلام رسول صدقتك، وقالت: إيل أرسل الرحمة بلحم، وإيل من أسماء الله تعالى بلسان كتبهم وترجمة بلحم ببيت لحم، وهو المكان الذي ولد فيه عيسى عليه السلام إلى غير ذلك مما يدل على إبطال مذهب النصارى، ثم انظر إلى البسملة قد تخبر أن من وراء حلها خيولا وليوثا، ومن دون طلها سيولا وغيوثا، ولا تحسبني استحسنت كلمتك الباردة فنسجت على منوالها وقابلت الواحدة بعشر أمثالها بل أتيتك بما يغنيك فيبهتك ويسمعك ما يصمك عن الإجابة فيصمتك، فتعلم أن هذه البسملة مستقر لسائر العلوم والفنون ومستودع لجوهر سرها