التمتعات المنافية للفضيلة والعدالة غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ أي لا متمتعين بالحظوظ في حال تجردكم للسلوك وقصدكم كعبة الوصال وتوجهكم إلى حرم صفات الجمال والجلال إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ ما يُرِيدُ فليرض السالك بحكمه ليستريح، ويهدي إلى سبيل رشده يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ من المقامات والأحوال التي يعلم بها السالك إلى حرم ربه سبحانه من الصبر والتوكل والشكر ونحوها أي لا تخرجوا عن حكمها وَلَا الشَّهْرَ الْحَرامَ وهو وقت الحج الحقيقي وهو وقت السلوك إلى ملك الملوك، وإحلاله بالخروج عن حكمه والاشتغال بما فيه وَلَا الْهَدْيَ وهو النفس المستعدة المعدة للقربان عند الوصول إلى الحضرة، وإحلالها باستعمالها بما يصرفها، أو تكليفها بما يكون سبب مللها وَلَا الْقَلائِدَ وهي ما قلدته النفس من الأعمال الشرعية التي لا يتم الوصول إلا بها، وإحلالها بالتطفيف بها وعدم إيقاعها على الوجه الكامل وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ وهم السالكون، وإحلالهم بتنفيرهم وشغلهم بما يصدهم أو يكسلهم يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ بتجليات الأفعال وَرِضْواناً بتجليات الصفات، وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا أي إذا رجعتم إلى البقاء بعد الفناء فلا جناح عليكم في التمتع وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ أَنْ تَعْتَدُوا أي لا يكسبنكم بغض القوى النفسانية بسبب صدها إياكم عن السلوك أَنْ تَعْتَدُوا عليها، وتقهروها بالكلية فتتعطل أو تضعف عن منافعها، أو لا يكسبنكم بغض قوم من أهاليكم أو أصدقائكم بسبب صدهم إياكم أن تعتدوا عليهم بمقتهم وإضرارهم وإرادة الشر لهم وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى بتدبير تلك القوى وسياستها، أو بمراعاة الأهل والأصدقاء والإحسان إليهم وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ فإن ذلك يقطعكم عن الوصول، وعن سهل أن الْبِرِّ الإيمان وَالتَّقْوى السنة والْإِثْمِ الكفر وَالْعُدْوانِ البدعة،
وعن الصادق رضي الله تعالى عنه الْبِرِّ الايمان وَالتَّقْوى الإخلاص وَالْإِثْمَ الكفر وَالْعُدْوانِ المعاصي،
وقيل: الْبِرِّ ما توافق عليه العلماء من غير خلاف وَالتَّقْوى مخالفة الهوى وَالْإِثْمَ طلب الرخص وَالْعُدْوانِ التخطي إلى الشبهات وَاتَّقُوا اللَّهَ في هذه الأمور إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ فيعاقبكم بما هو أعلم حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وهي خمود الشهوة بالكلية فإنه رذيلة التفريط المنافية للعفة وَالدَّمُ وهو التمتع بهوى النفس وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ أي وسائر وجوه التمتعات بالحرص والشره وقلة الغيرة وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ من الأعمال التي فعلت رياء وسمعة وَالْمُنْخَنِقَةُ وهي الأفعال الحسنة صورة مع كمون الهوى فيها، وَالْمَوْقُوذَةُ وهي الأفعال التي أجبر عليها الهوى وَالْمُتَرَدِّيَةُ وهي الأفعال المائلة إلى التفريط والنقصان وَالنَّطِيحَةُ وهي الأفعال التي تصدر خوف الفضيحة وزجر المحتسب مثلا وَما أَكَلَ السَّبُعُ وهي الأفعال التي هي من ملائمات القوة الغضبية من الأنفة والحمية النفسانية إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ من الأفعال الحسنة التي تصدر بإرادة قلبية لم يمازجها ما يشينها وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وهو ما يفعله أبناء العادات لا لغرض عقلي أو شرعي وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ بأن تطلبوا السعادة والكمال بالحظوظ والطوالع وتتركوا العمل وتقولوا: لو كان مقدرا لنا لعملنا فإنه ربما كان القدر معلقا بالسعي ذلِكُمْ فِسْقٌ خروج عن الدين الحق لأن فيه الأمر والنهي، والاتكال على المقدر يجعلهما عبثا الْيَوْمَ وهو وقت حصول الكمال يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ بأن يصدّوكم عن طريق الحق فَلا تَخْشَوْهُمْ فإنهم لا يستولون عليكم بعد وَاخْشَوْنِ لتنالوا ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ببيان ما بينت وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي بذلك أو بالهداية إليّ وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ أي الانقياد للانمحاء دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ إلى تناول لذة في مخمصة، وهي الهيجان الشديد للنفس غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ غير منحرف لرذيلة فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ فيستر ذلك ويرحم بمدد التوفيق.


الصفحة التالية
Icon