شحمتي الأذن لأن المواجهة تقع بهذه الجملة وهو مشتق منها، واشتقاق الثلاثي من المزيد- إذا كان المزيد أشهر في المعنى الذي يشتركان فيه- شائع، وقال العلامة أكمل الدين: إن ما ذكروا من منع اشتقاق الثلاثي من المزيد إنما هو في الاشتقاق الصغير، وأما في الاشتقاق الكبير وهو أن يكون بين كلمتين تناسب في اللفظ والمعنى فهو جائز، ويعطي ظاهر التحديد وجوب إدخال البياض المعترض بين العذار والأذن بعد نباته، وهو قولهما خلافا لأبي يوسف، ويعطي أيضا وجوب الاسالة على شعر اللحية، وقد اختلفت الروايات فيه عن الإمام الأعظم رضي الله تعالى عنه وغيره، فعنه يجب مسح ربعها، وعنه مسح ما يلاقي البشرة، وعنه لا يتعلق به شيء، وهو رواية عن أبي يوسف، وعن أبي يوسف يجب استيعابها، وعن محمد أنه يجب غسل الكل، قيل:- وهو الأصح- وفي الفتاوى الظهيرية، وعليه الفتوى لأنه قام مقام البشرة فتحول الفرض إليه كالحاجب.
وقال في البدائع عن ابن شجاع: إنهم رجعوا عما سوى هذا وكل هذا في الكثة، أما الخفيفة التي ترى بشرتها فيجب إيصال الماء إلى ما تحتها ولو أمرّ الماء على شعر الذقن ثم حلقه لا يجب غسل الذقن، وفي البقال: لو قص الشارب لا يجب تخليله، وإن طال وجب تخليله وإيصال الماء إلى الشفتين وكأن وجهه أن قطعة مسنون فلا يعتبر قيامه في سقوط ما تحته بخلاف اللحية فإن إعفاءها هو المسنون، وعد شيخ الإسلام المرغيناني في التجنيس إيصال الماء إلى منابت شعر الحاجبين والشارب من الآداب من غير تفصيل، وأما الشفة فقيل: تبع للفم وقال أبو جعفر: ما انكتم عند انضمامه تبع له وما ظهر فللوجه، وروي هذا التحديد عن ابن عباس وابن عمر والحسن وقتادة والزهري رضوان الله تعالى عليهم أجمعين وغيرهم، وقيل: الوجه كل ما دون منابت الشعر من الرأس إلى منقطع الذقن طولا، ومن الأذن إلى الأذن عرضا ما ظهر من ذلك لعين الناظر، وما بطن كداخل الأنف والفم، وكذا ما أقبل من الأذنين، وروي عن أنس بن مالك وأم سلمة وعمار ومجاهد وابن جبير وجماعة فأوجبوا غسل ذلك كله ولم أر لهم نصا في باطن العين، والظاهر عدم وجوب غسله عندهم لمزيد الحرج وتوقع الضرر، ولهذا صرح البعض بعدم سنية الغسل أيضا، بل قال بعضهم: يكره، نعم يخطر في الذهن رواية عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه كان يوجب غسل باطن العين في الغسل ويفعله، وأنه كان سببا في كف بصره رضي الله تعالى عنه وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ جمع مرفق بكسر ففتح افصح من عكسه، وهو موصل الذراع في العضد، ولعل وجه تسميته بذلك أنه يرتفق به أي يتكئ عليه من اليد، وجمهور الفقهاء على دخولها.
وحكي عن الشافعي رضي الله تعالى عنه أنه قال: لا أعلم خلافا في أن المرافق يجب غسلها، ولذلك قيل:
«إلى» بمعنى مع كما في قوله تعالى: وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ [هود: ٥٢] ومَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ [آل عمران:
٥٢] [الصف: ١٤]، وقيل: هي إنما تفيد معنى الغاية، ومن الأصول المقررة أن ما بعد الغاية إن دخل في المسمى لولا ذكرها دخل وإلا فلا، ولا شك أن المرافق داخلة في المسمى فتدخل، وما أورد على هذا الأصل من أنه لو حلف لا يكلم فلانا إلى غد لا يدخل مع أنه يدخل لو تركت الغاية غير قادح فيه لأن الكلام هنا في مقتضى اللغة والأيمان تبنى على العرف، وجاز أن يخالف العرف اللغة.
وذكر بعض المحققين أن إِلَى جاءت وما بعدها داخل في الحكم فيما قبلها، وجاءت وما بعدها غير داخل، فمنهم من حكم بالاشتراك، ومنهم من حكم بظهور الدخول، ومنهم من حكم بظهور انتفاء الدخول، وعليه النحويون، ودخول المرافق ثابت بالسنة، فقد صح عنه صلّى الله عليه وسلّم أنه أدار الماء عليها.
ونقل أصحابنا حكاية عدم دخولها عن زفر، واستدل بتعارض الأشباه وبأن في الدخول في المسمى اشتباها


الصفحة التالية
Icon