حمل الركوع في الآية على غير معناه الشرعي بأبعد من حمل الزكاة المقرونة بالصلاة على مثل ذلك التصدق، وهو لازم على مدعى الإمامية قطعا.
وقال بعض منا أهل السنة: إن حمل الركوع على معناه الشرعي وجعل الجملة حالا من فاعل يُؤْتُونَ يوجب قصورا بينا في مفهوم يُقِيمُونَ الصَّلاةَ إذ المدح والفضيلة في الصلاة كونها خالية عما لا يتعلق بها من الحركات سواء كانت كثيرة أو قليلة، غاية الأمر أن الكثيرة مفسدة للصلاة دون القليلة ولكن تؤثر قصورا في معنى إقامة الصلاة البتة، فلا ينبغي حمل كلام الله تعالى الجليل على ذلك انتهى.
وبلغني أنه قيل لابن الجوزي رحمه الله تعالى: كيف تصدّق علي كرم الله تعالى وجهه بالخاتم وهو في الصلاة والظن فيه- بل العلم الجازم- أن له كرم الله تعالى وجهه شغلا شاغلا فيها عن الالتفات إلى ما لا يتعلق بها، وقد حكي مما يؤيد ذلك كثير، فأنشأ يقول:
| يسقي ويشرب لا تلهيه سكرته | عن النديم ولا يلهو عن الناس |
| أطاعه سكره حتى تمكن من | فعل الصحاة فهذا واحد الناس |
ويرد عليه أنه مع تسليم المقدمات أين اللزوم بين الدليل والمدعى وكيف استنتاج المتعين من المطلق، وأيضا لا يخفى على من له أدنى تأمل أن موالاة المؤمنين من جهة الإيمان أمر عام بلا قيد ولا جهة، وترجع إلى موالاة إيمانهم في الحقيقة، والبغض لسبب غير ضار فيها، وأيضا ماذا يقول في قوله سبحانه: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ [التوبة: ٧١] الآية، وأيضا ماذا يجاب عن معاداة الكفار وكيف الأمر فيها وهم أضعاف المؤمنين؟؟ ومتى كفت الملاحظة الإجمالية هناك فلتكف هنا. وأنت تعلم أن ملاحظة الكثرة بعنوان الوحدة مما لا شك في وقوعها فضلا عن إمكانها، والرجوع إلى علم الوضع يهدي لذلك، والمحذور كون الموالاة الثلاثة في مرتبة واحدة وليس فليس إذ الأولى أصل، والثانية تبع والثالثة تبع التبع، فالمحمول مختلف، ومثله الموضوع إذ الموالاة من الأمور العامة وكالعوارض المشككة، والعطف موجب للتشريك في الحكم لا في جهته، فالموجود في الخارج