العادة والعيد معتاد كل عام» ونسب ذلك لابن عباس رضي الله تعالى عنهما، والمعنى على سائر الأقوال لا تبال بهؤلاء وامض لما أمرت به.
وأخرج ابن جرير وغيره أن المعنى على التهديد كقوله تعالى: ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً [المدثر: ١١] وذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا [الحجر: ٣]، وقيل: المراد الأمر بالكف عنهم وترك التعرض لهم. والآية عليه منسوخة بآية السيف، وهو مروي عن قتادة. ونصب لَعِباً على أنه مفعول ثان لاتخذوا وهو اختيار السفاقسي، ويفهم من ظاهر كلام البعض أنه مفعول أول و «دينهم» ثان، وفيه أخبار عن النكرة بالمعرفة. ويفهم من كلام الإمام أنه مفعول لأجله واتخذ متعد لواحد فإنه قال بعد سرد وجوه التفسير في الآية: والخامس وهو الأقرب أن المحق في الدين هو الذي ينصر الدين لأجل أن قام الدليل على أنه حق وصدق وصواب فأما الذين ينصرونه ليتوسلوا به إلى أخذ المناصب والرياسة وغلبة الخصم وجمع الأموال فهم نصروا الدين للدنيا، وقد حكم الله تعالى عليها في سائر الآيات بأنها لعب ولهو. فالمراد من قوله سبحانه: وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا إلخ هو الإشارة إلى من يتوسل بدينه إلى دنياه. وإذا تأملت في حال أكثر الخلق وجدتهم موصوفين بهذه الصفة وداخلين تحت هذه الآية اه.
ولا يفى أنه أبعد من العيوق فلا تغتر به وإن جل قائله وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا أي خدعتهم وأطمعتهم بالباطل حتى أنكروا البعث وزعموا أن لا حياة بعدها واستهزؤوا بآيات الله تعالى. وجعل بعضهم غر من الغر وهو ملء الفم أي أشبعتهم لذاتها حتى نسوا الآخرة. وعليه قوله:
| ولما التقينا بالعشية غرني | بمعروفه حتى خرجت أفوق |
٤٥] والقرآن يفسر بعضه بعضا. وقيل: الضمير لحسابهم، وقيل: للدين. وقيل: إنه ضمير يفسره قوله سبحانه: أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِما كَسَبَتْ فيكون بدلا منه واختاره أبو حيان. وعلى الأوجه الأخر هو مفعول لأجله أي لئلا تبسل أو مخافة أو كراهة أن تبسل. ومنهم من جعله مفعولا به لذكر. ومعنى «تبسل» تحبس كما روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما. وأنشد له قول زهير:
| وفارقتك برهن لا فكاك له | يوم الوداع وقلبي مبسل علقا |
وقوله تعالى: لَيْسَ لَها أي النفس مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ إما استئناف للأخبار بذلك أو في محل رفع صفة نَفْسٌ أو في محل نصب على الحالية من ضمير كَسَبَتْ أو من نفس فإنه في قوة نفس