المدينة والبصرة «نشرا» بضم النون والشين جمع نشور بفتح النون بمعنى ناشر، وفعول بمعنى فاعل يطرد جمعه كذلك كصبور وصبر، ولم يجعل جمع ناشر كبازل وبزل لأن جمع فاعل على فعل شاذ.
واختلف في معنى ناشر ففي الحواشي الشهابية قيل: هو على النسب إما إلى النشر ضد الطي وإما إلى النشور بمعنى الإحياء لأن الريح توصف بالموت والحياة كقوله:
إني لأرجو أن تموت الريح | فأقعد اليوم وأستريح |
أظن نسيم الروض مات لأنه | له زمن في الروض وهو عليل |
حتى يقول الناس مما رأوا | يا عجبا للميت الناشر |
وكونه فردا من أفراد ذلك العام فهو حقيقة لأنه استعمال اللفظ فيما وضع له على ما بين في شرح التلخيص وغيره.
وادعى الشهاب إثبات بعض أهل اللغة كون المطر من معاني الرحمة، وقول ابن هشام في رسالته التي ألفها في بيان وجه تذكير «قريب» المار عن قريب. إنا لا نجد أهل اللغة حيث يتكلمون على الرحمة يقولون: ومن معانيها المطر فلو كانت موضوعة له لذكروه قصارى ما فيه عدم الوجدان وهو لا يستدعي عدم الوجود، ومما اشتهر أن المثبت مقدم على النافي ومن حفظ حجة على من لم يحفظ، والمقام ظاهر في إرادة هذا المعنى، وبيان كون الرياح مرسلة أمام ذلك ما قيل: إن الصبا تثير السحاب والشمال تجمعه والجنوب تدره والدبور تفرقه وهذه أحد أنواع الريح المشهورة عند العرب، وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن الرياح ثمانية: أربع منها عذاب وهي القاصف، والعاصف، والصرصر، والعقيم وأربع منها رحمة وهي الناشرات والمبشرات والمرسلات والذاريات.
والريح من أعظم منن الله تعالى على عباده، وعن كعب الأحبار لو حبس الله تعالى الريح عن عباده ثلاثة أيام لأنتن أكثر أهل الأرض،
وفي بعض الآثار أن الله تعالى خلق العالم وملأه هواء ولو أمسك الهواء ساعة لأنتن ما بين السماء والأرض،
وذكر غير واحد من العلماء أنه يكره سب الريح،
فقد روى الشافعي عن أبي هريرة قال: أخذت الناس ريح بطريق مكة وعمر رضي الله تعالى عنه حاج فاشتدت فقال عمر لمن حوله: ما بلغكم في الريح؟ فلم يرجعوا إليه شيئا وبلغني الذي سأل عمر عنه من أمر الريح فاستحثثت راحلتي حتى أدركت عمر وكنت مؤخر الناس فقلت: يا أمير المؤمنين أخبرت أنك سألت عن الريح فإني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «الريح من روح الله تعالى تأتي بالرحمة وتأتي بالعذاب فإذا رأيتموها فلا تسبوها واسألوا الله تعالى من خيرها واستعيذوا بالله سبحانه من شرها»
ولا منافاة بين