الأشياء البالغة إلى أقصى مراتب الكمال، وما ذكره من البيتين لبعض العدلية فهو في ذلك عثيثة تقرم جلدا أملسا والقول ما قاله تاج الدين السبكي فيهم:
عجبا لقوم ظالمين تلقبوا | بالعدل ما فيهم لعمري معرفه |
قد جاءهم من حيث لا يدرونه | تعطيل ذات الله مع نفي الصفة |
وتلقبوا عدلية قلنا نعم | عدلوا بربهم فحسبهم سفه |
وجماعة كفروا برؤية ربهم | هذا ووعد الله ما لن يخلفه |
وتلقبوا عدلية قلنا أجل | عدلوا بربهم فحسبوهم سفه |
وتنعتوا الناجين كلا إنهم | إن لم يكونوا في لظى فعلى شفه |
وذهب الشيخ إبراهيم الكوراني إلى أنه عليه السلام رأى ربه سبحانه حقيقة قبل الصعق فصعق لذلك كما دك الجبل للتجلي، وأيده بما
أخرج أبو الشيخ عن أبي هريرة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «لما تجلى الله تعالى لموسى عليه السلام كان يبصر دبيب النملة على الصفا في الليلة الظلماء من مسيرة عشرة فراسخ،
وبما
أخرجه عن أبي معشر أنه قال: مكث موسى عليه السلام أربعين ليلة لا ينظر إليه أحد إلا مات من نور رب العالمين»
وجمع بين هذا وبين
قوله صلّى الله عليه وسلّم «إن الله تعالى أعطى موسى الكلام وأعطاني الرؤية وفضلني بالمقام المحمود والحوض المورود»
بأن الرؤية التي أعطاها لنبينا صلّى الله عليه وسلّم هي الرؤية مع الثبات والبقاء من غير صعق كما أن الكلام الذي أعطاه موسى كذلك بخلاف رؤية موسى عليه السلام فإنها لم تجمع له مع البقاء. وعلى هذا فمعنى
قوله عليه الصلاة والسلام في حديث الدجال «إنه لن يرى أحد منكم ربه حتى يموت هو أن أحدا لا يراه في الدنيا مع البقاء ولا يجمع له في الدنيا بينهما»
وفسر الآية بما لا يخلو عن خفاء.
والذاهبون إلى عدم الرؤية مطلقا يجيبون عما ذكره من حديث أبي هريرة وخبر أبي معشر بأن الثاني ليس فيه أكثر من إثبات سطوع نور الله تعالى على وجه موسى عليه السلام وليس في ذلك إثبات الرؤية لجواز أن يشرق نور منه