جدوى، وكان الملك يومئذ الريان بن الوليد العمليقي ومات في حياة يوسف عليه السّلام بعد أن آمن به فملك بعده قابوس بن مصعب فدعاه الى الإيمان فأبى.
وقيل: كان الملك في أيامه فرعون موسى عليه السّلام عاش أربعمائة سنة بدليل قوله تعالى: وَلَقَدْ جاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّناتِ [غافر: ٣٤]، وقيل: فرعون موسى عليه السّلام من أولاد فرعون يوسف عليه السّلام، والآية من قبيل خطاب الأولاد بأحوال الآباء وهو الصحيح، وظاهر أمر العزيز أنه كان كافرا.
واستدل في البحر على ذلك بكون الصنم في بيته حسبما يذكر في بعض الروايات.
وقال مجاهد: كان مؤمنا، ولعل مراده أنه آمن بعد ذاك وإلا فكونه مؤمنا يوم الاشتراء مما لا يكاد يسلم، نعم إنه اعتنى بأمر يوسف عليه السّلام ولذا قال: لِامْرَأَتِهِ راعيل (١) بنت رعابيل، وهو المروي عن مجاهد.
وقال السدي: زليخا (٢) بنت تمليخا، وقيل: اسمها راعيل ولقبها زليخا، وقيل: بالعكس، والجار الأول كما قال أبو البقاء: متعلق- باشتراه- كقولك اشتريته من بغداد أي فيها أو بها، أو متعلق بمحذوف وقع حالا من الذي أو من الضمير في- اشترى- أي كائنا من أهل مصر، والجار الثاني متعلق- بقال- كما أشرنا اليه لا- باشتراه- ومقول القول:
أَكْرِمِي مَثْواهُ أي اجعلي محل ثوائه وإقامته كريما أي حسنا مرضيا، وهذا كناية عن إكرامه عليه السّلام نفسه على أبلغ وجه وأتمه لأن من أكرم المحل بتنظيفه وفرشه ونحو ذلك فقد أكرم ضيفه بسائر ما يكرم به، وقيل: المثوى مقحم يقال: المجلس العالي والمقام السامي والمعنى أحسني تعهده والنظر فيما يقتضيه إكرام الضيف عَسى أَنْ يَنْفَعَنا في قضاء مصالحنا إذا تدرب في الأمور وعرف مجاريها أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً أي نتبناه ونقيمه مقام الولد، وكان فيما يروى عقيما، ولعل الانفصال لمنع الخلو.
وزعم بعضهم أنه لمنع الجمع على معنى عسى أن نبيعه فننتفع بثمنه وليس بشيء، وكان هذا القول من العزيز لما تفرس فيه من مخايل الرشد والنجابة، ومن ذلك قال ابن مسعود رضي الله تعالى عنه فيما أخرجه سعيد بن منصور والحاكم وصححه وجماعة: أفرس الناس ثلاثة: العزيز حين تفرس في يوسف فقال لامرأته: أَكْرِمِي مَثْواهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا إلخ. والمرأة التي أتت موسى فقالت لأبيها: يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ [القصص: ٢٦]. وأبو بكر حين استخلف عمر وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ أي جعلنا له فيها مكانا يقال: مكنه فيه أي أثبته فيه، ومكن له فيه أي جعل له مكانا فيه، ولتقاربهما وتلازمهما يستعمل كل منهما في مقام الآخر قال سبحانه: وكَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ ما لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ [الأنعام: ٦] والمراد بالمكان هنا المكانة والمنزلة لا البعد المجرد أو السطح الباطن من الحاوي المماس للسطح الظاهر من المحوي أو غير ذلك مما ذهب إليه من ذهب من الفلاسفة إن حقا وإن باطلا، والإشارة الى ما يفهم مما تقدم من الكلام وما فيه من معنى البعد لتفخيمه، والكاف نصب على المصدرية أي كما جعلنا له مثوى كريما في منزل العزيز أو مكانا عليا في قلبه حتى أمر امرأته دون سائر حواشيه بإكرام مثواه جعلنا له مكانة رفيعة في أرض مصر، وفسر الجعل المذكور بجعله وجيها فيما بين أهل مصر ومحببا في قلوبهم بناء على أنه الذي يؤدي الى الغاية المذكورة في قوله تعالى: وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ أي بعض تعبير الرؤيا التي عمدتها رؤيا الملك وصاحبي السجن، وروي هذا المعنى عن مجاهد، وهو الظاهر كما يرشد اليه قوله عليه

(١) راعيل بوزن هابيل اهـ منه. [.....]
(٢) هو بفتح الزاي وكسر اللام والخاء المعجمة وفي آخره ألف وهو المشهور، وقيل: إنه بضم أوله على هيئة المصغر اهـ منه.


الصفحة التالية
Icon