الأصل مصدر- جمل- بضم الميم ويقال للرجل جميل وجمال وجمال على التكثير وللمرأة جميلة وجملاء عند الكسائي وأنشد:
فهي جملاء كبدر طالع | بذت الخلق جميعا بالجمال |
وتقديم الإراحة على السرح مع أنها متأخرة في الوجود عنه لكونها أظهر منه في استتباع ما ذكر من الجمال وأتم في استجلاب الانس والبهجة إذ فيها حضور بعد غيبة وإقبال بعد ادبار على أحسن ما يكون ملأى البطون حافلة الضروع. وقرأ عكرمة والضحاك والجحدري «حينا» فيهما بالتنوين وفك الإضافة على أن كلتا الجملتين صفة لحينا قبلها والعائد محذوف كما في قوله تعالى: وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ [البقرة: ٤٨، ١٢٣] أي حينا تريحون فيه وحينا تسرحون فيه، والعامل في حِينَ إما المبتدأ لأنه بمعنى التجمل كما قيل وإما خبره لما فيه من معنى الاستقرار.
وجوز أن يكون متعلقا بمحذوف وقع صفة لجمال وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ أي أحمالكم الثقيلة جمع ثقل، وقيل أجسامكم كما قيل في قوله تعالى: وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها [الزلزلة: ٢] حيث فسرت الأثقال فيه بأجسام بني آدم.
إِلى بَلَدٍ روي عن ابن عباس أنه اليمن والشام ومصر وكأنه نظر إلى أنها متاجر أهل مكة كما يؤذن به ما في تفسير الخازن عنه رضي الله تعالى عنه من أنه قال: يريد من مكة إلى اليمن وإلى الشام، وفي رواية أخرى عنه وعن الربيع بن أنس وعكرمة أنه مكة وكأنهم نظروا إلى أن أثقالهم وأحمالهم عند القفول من متاجرهم أكثر وحاجتهم إلى الحمولة أمس، والظاهر أنه عام لكل بلد سحيق وإلى ذلك ذهب أبو حيان، وجعل ما ورد من التعيين كالمذكور وكالذي نقله عن بعضهم من أنها مدينة الرسول ﷺ محمولا على التمثيل لا على أن المراد ذلك المعين دون غيره لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ واصلين إليه بأنفسكم مجردين عن الأقفال فضلا عن أن تحملوا على ظهوركم أثقالكم لو لم تكن الأنعام ولم تخلق إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ أي مشقتها وتعبها، وقيل: المعنى لم تكونوا بالغيه بها إلا بما ذكر وحذف بها لأن المسافر لا بدله من الأثقال، والمراد التنبيه على بعد البلد وأنه مع الاستعانة بها بحمل الأثقال لا تصلون إليه إلا بالمشقة، ولا يخفى أن الأول أبلغ. وقرأ مجاهد والأعرج وأبو جعفر وعمرو بن معين وابن أرقم «بشق» بفتح الشين وروي ذلك عن نافع وأبي عمرو وكلا ذلك لغة، والمعنى ما تقدم، وقيل: الشق بالفتح المصدر وبالكسر الاسم يعني المشقة وعلى الكسر بهذا المعنى جاء قوله:
وذي إبل يسعى ويحسبها له | أخي نصب من شقها ودؤوب |
وجاء «اتقوا النار ولو بشق تمرة»
والمعنى إلا بذهاب