جبريل عليه السلام ابتدأ بها حين علم النبي عليه الصلاة والسلام كيفية الصلاة في يومين، وقال المبرد: دلوك الشمس من لدن زوالها إلى غروبها فالأمر بإقامة الصلاة لدلوكها أمر بصلاتين الظهر والعصر، وعلى القولين الآخرين أمر بصلاة واحدة الظهر أو العصر، واللام للتاقيت متعلقة بأقم وهي بمعنى بعد كما في قول متمم بن نويرة يرثي أخاه:
فلما تفرقنا كأني ومالكا | لطول اجتماع لم نبت ليلة معا |
وأخرج ابن الأنباري في الوقف عن ابن عباس أن نافع بن الأرزق قال له: أخبرني ما الغسق؟ فقال: دخول الليل بظلمته وأنشد قول زهير بن أبي سلمى:
ظلت تجود يداها وهي لاهية | حتى إذا جنح الإظلام والغسق |
إن هذا الليل قد غسقا | واشتكيت الهم والأرقا |
رواه العياشي بإسناده عن عبيدة، وزرارة عن أبي عبد الله أنه قال في هذه الآية: إن الله تعالى افترض أربع صلوات أول وقتها من زوال الشمس إلى انتصاف الليل منها صلاتان أول وقتهما من عند زوال الشمس إلى غروبها إلا أن هذه قبل هذه ومنها صلاتان أول وقتهما غروب الشمس إلى انتصاف الليل إلا أن هذه قبل هذه وهو مرتضى المرتضى في أوقات الصلاة
، والمعتمد عليه عند جمهور المفسرين أن دلوك الشمس وقت الظهر وغسق الليل وقت العشاء كما ينبىء عنه إقحام الغسق وعدم الاكتفاء بإلى الليل، والجار والمجرور متعلق بأقم، وأجاز أبو البقاء تعلقه بمحذوف وقع حالا من الصلاة أي ممدودة إلى الليل والأول أولى وليس المراد بإقامة الصلاة فيما بين هذين الوقتين على وجه الاستمرار بل إقامة كل صلاة في وقتها الذي عين لها ببيان جبريل عليه السلام الثابت في الروايات الصحيحة التي لم يروها- من شهد- أحد من الأئمة الطاهرين بزندقتهم ونجاسة بواطنهم كما أن أعداد ركعات كل صلاة موكولة إلى بيانه عليه الصلاة والسلام، ولعل الاكتفاء ببيان المبدأ والمنتهى في أوقات الصلاة من غير فصل بينها لما أن الإنسان فيما بين هذه الأوقات على اليقظة فبعضها متصل ببعض بخلاف وقت العشاء والفجر فإنه باشتغاله فيما بينهما بالنوم عادة ينقطع أحدهما عن الآخر ولذلك فصل وقت الفجر عن سائر الأوقات، ثم إن المستدل من الشيعة بالآية لا يتم له الاستدلال بها على جواز الجمع بين صلاتي الظهر والعصر، وبين صلاتي المغرب والعشاء ما لم يضم إلى ذلك شيئا من الأخبار فإنها إذا لم يضم إليها ذلك أولى بأن يستدل بها على جواز الجمع بين الأربعة جميعها لا بين الاثنتين والاثنتين ولا يخفى ما في الاستدلال بها على هذا المطلب ولذا لم يرتضه أبو جعفر منهم، نعم ما ذهبوا إليه مما يؤيده ظواهر بعض الأحاديث الصحيحة
كحديث ابن عباس وهو في صحيح مسلم صلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الظهر والعصر جمعا بالمدينة