هن الحرائر لا ربات أخمرة سود المحاجر لا يقرأن بالسور
والوجه الصحيح الملائم لما عليه التنزيل من غرابة النظم كما في الكشف هو الأول، وقول الفراء: إنه يقال هزه وهز به إن أراد أنهما بمعنى كما هو الظاهر لا يلتفت إليه كما نص عليه بعض من يعول عليه تُساقِطْ من ساقطت بمعنى أسقطت، والضمير المؤنث للنخلة ورجوع للمضاف إليه شائع، ومن أنكره فهو كمثل الحمار يحمل أسفارا.
وجوز أبو حيان حيان أن يكون الضمير للجذع لاكتسابه التأنيث من المضاف إليه كما في قوله تعالى: «تلتقطه بعض السيارة» (١) في قراءة من قرأ بالتاء الفوقية، وقول الشاعر: كما شرقت صدر القناة من الدم. وتعقب بأنه خلاف الظاهر وإن صح. وقرأ مسروق وأبو حيوة في رواية «تسقط» بالتاء من فوق مضمومة وكسر القاف وفي رواية أخرى عن أبي حيوة أنه قرأ كذلك إلا أنه بالياء من تحت. وقوله تعالى عَلَيْكِ رُطَباً في جميع ذلك نصب على المفعولية وهو نضيج البسر واحدته بهاء وجمع شاذا على أرطاب كربع (٢) وأرباع، وعن أبي حيوة أيضا أنه قرأ «تسقط» بالتاء من فوق مفتوحة وضم القاف، وعنه أيضا كذلك إلا أنه بالياء من تحت فنصب رُطَباً على التمييز، وروي عنه أنه رفعه في القراءة الأخيرة على الفاعلية.
وقرأ أبو السمال «تتساقط» بتاءين. وقرأ البراء بن عازب «يساقط» بالياء من تحت مضارع أساقط وقرأ الجمهور «تساقط» بفتح التاء من فوق وشد السين بعدها ألف وفتح القاف، والنصب على هذه الثلاثة على التمييز أيضا.
وجوز في بعض القراءات أن يكون على الحالية الموطئة وإذا أضمر ضمير مذكر على إحدى القراءات فهو للجذع، وإذا أضمر ضمير مؤنث فهو للنخلة أوله ما سمعت جَنِيًّا أي مجنيا ففعيل بمعنى مفعول أي صالحا للاجتناء. وفي القاموس ثمر جني جني من ساعته. وعليه قيل المعنى رطبا يقول من يراه هو جني وهو صفة مدح فإن ما يجني أحسن مما يسقط بالهز وما قرب عهده أحسن مما بعد عهده، وقيل فعيل بمعنى فاعل أي رطبا طريا، وكان المراد على ما قيل إنه تم نضجه.
وقرأ طلحة بن سليمان «جنيا» بكسر الجيم للاتباع. ووجه التذكير ظاهر. وعن ابن السيد أنه قال في شرح أدب الكاتب. كان يجب أن يقال جنية إلا أنه أخرج بعض الكلام على التذكير وبعضه على التأنيث، وفيه نظر، روي عن ابن عباس أنه لم يكن للنخلة إلا الجذع ولم يكن لها رأس فلما هزته إذ السعف قد طلع ثم نظرت إلى الطلع يخرج من بين السعف ثم اخضر فصار بلحا ثم احمر فصار زهوا ثم رطبا كل ذلك في طرفة عين فجعل الرطب يقع بين يديها وكان برنيا،
وقيل عجوة وهو المروي عن أبي عبد الله رضي الله تعالى عنه.
والظاهر أنها لم تحمل سوى الرطب، وقيل كان معه موز، وروي ذلك عن أبي روق وإنما اقتصر عليه لغاية نفعه للنفساء،
فعن الباقر رضي الله تعالى عنه لم تستشف النفساء بمثل الرطب إن الله أطعمه مريم في نفاسها
وقالوا: ما للنفساء خير من الرطب ولا للمريض خير من العسل، وقيل: المرأة إذا عسر ولادها لم يكن لها خير من الرطب، وذكر أن التمر للنفساء عادة من ذلك الوقت وكذا التحنيك وفي أمرها بالهز إشارة إلى أن السعي في تحصيل الرزق في الجملة مطلوب وهو لا ينافي التوكل وما أحسن ما قيل:
ألم تر أن الله أوحى لمريم وهزي إليك الجذع يساقط الرطب
(١) قيل إنها نفست بكورة أجناس من أعمال مصر اه منه.
(٢) سورة: يوسف، الآية: ١٠.


الصفحة التالية
Icon