وهي أقرب إلى الحس. وقيل: لأنه أوفق بمفتتح السورة بناء على جعل طه جملة فعلية أي طأ الأرض بقدميك أو لقوله تعالى ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى بناء على أنه جملة مستأنفة لصرفه صلّى الله عليه وسلّم عما كان عليه من رفع إحدى رجليه عن الأرض في الصلاة كما جاء في سبب النزول، ووصف السموات بالعلى وهو جمع العليا كالكبرى تأنيث الأعلى لتأكيد الفخامة مع ما فيه من مراعاة الفواصل وكل ذلك إلى قوله تعالى لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى مسوق لتعظيم شأن المنزل عز وجل المستتبع لتعظيم المنزل الداعي إلى استنزال المتمردين عن رتبة العلو والطغيان واستمالتهم إلى التذكر والإيمان.
الرَّحْمنُ رفع على المدح أي هو الرحمن.
وجوز ابن عطية أن يكون بدلا من الضمير المستتر في خَلَقَ وتعقبه أبو حيان فقال: أرى أن مثل هذا لا يجوز لأن البدل يحل محل المبدل منه ولا يحل هاهنا لئلا يلزم خلو الصلة من العائد اه، ومنع بعضهم لزوم اطراد الحلول ثم قال: على تسليمه يجوز إقامة الظاهر مقام الضمير العائد كما في قوله:
وأنت الذي في رحمة الله أطمع نعم اعتبار البدلية خلاف الظاهر، وجوز أن يكون مبتدأ واللام للعهد والإشارة إلى الموصول وخبره قوله تعالى عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى ويقدر هو ويجعل خبرا عنه على احتمال البدلية، وعلى الاحتمال الأول يجعل خبرا بعد خبر لما قدر أولا على ما في البحر وغيره، وروى جناح بن حبيش عن بعضهم أنه قرأ «الرحمن» بالجر، وخرجه الزمخشري على أنه صفة لمن. وتعقبه أبو حيان بأن مذهب الكوفيين أن الأسماء النواقص التي لا تتم إلا بصلاتها كمن وما لا يجوز نعتها إلا الذي والتي فيجوز نعتهما فعندهم لا يجوز هذا التخريج فالأحسن أن يكون الرَّحْمنُ بدلا من (من) وقد جرى في القرآن مجرى العلم في وقوعه بعد العوامل، وقيل: إن «من» يحتمل أن تكون نكرة موصوفة وجملة خَلَقَ صفتها والرَّحْمنُ صفة بعد صفة وليس ذاك من وصف الأسماء النواقص التي لا تتم إلا بصلاتها غاية ما في الباب أن فيه تقديم الوصف بالجملة على الوصف بالمفرد وهو جائز اه وهو كما ترى.
وجملة عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى على هذه القراءة خبر هو مقدرا، والجار والمجرور على كل الاحتمالات متعلق باستوى قدم عليه لمراعاة الفواصل، والْعَرْشِ في اللغة سرير الملك وفي الشرع سرير ذو قوائم له حملة من الملائكة عليهم السّلام فوق السموات مثل القبة، ويدل على أن له قوائم ما
أخرجاه في الصحيحين عن أبي سعيد قال: جاء رجل من اليهود إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم قد لطم وجهه فقال: يا محمد رجل من أصحابك قد لطم وجهي فقال النبي عليه الصلاة والسّلام: ادعوه فقال: لم لطمت وجهه؟ فقال: يا رسول الله إني مررت بالسوق وهو يقول: والذي اصطفى موسى على البشر فقلت: يا خبيث وعلى محمد صلّى الله عليه وسلّم فأخذتني غضبة فلطمته فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: لا تخيروا بين الأنبياء فإن الناس يصعقون وأكون أول من يفيق فإذا أنا بموسى عليه السّلام آخذ بقائمة من قوائم العرش فلا أدري أفاق قبلي أم جوزي بصعقة الطور
، وعلى أن له حملة من الملائكة عليهم السّلام قوله تعالى: الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ [غافر: ٧].
وما
رواه أبو داود عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «أذن لي أن أحدث عن ملك من ملائكة الله عز وجل من حملة العرش أن ما بين أذنيه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة سنة»
وعلى أنه فوق السموات مثل القبة ما
رواه أبو داود أيضا عن جبير بن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه عن جده قال: أتى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أعرابي فقال: يا رسول الله جهدت الأنفس ونهكت الأموال أو هلكت فاستسق لنا فإنا نستشفع بك إلى الله تعالى ونستشفع بالله تعالى عليك فقال رسول الله


الصفحة التالية
Icon