سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ سبحان هنا على ما ذهب إليه بعض المحققين مصدر سبح تسبيحا بمعنى نزه تنزيها لا بمعنى قال سبحان الله نعم جاء التسبيح بمعنى القول المذكور كثيرا حتى ظن بعضهم أنه مخصوص بذلك وإلى هذا ذهب صاحب القاموس في شرح ديباجة الكشاف، وجعل سبحان مصدر سبح مخففا وليس بذاك، وقد يستعمل علما للتنزيه فيقطع عن الإضافة لأن الأعلام لا تضاف قياسا ويمنع من الصرف للعلمية والزيادة واستدل على ذلك بقول الأعشى:
قد قلت لما جاءني فخره | سبحان من علقمة الفاخر |
سبحانه ثم سبحانا نعوذ به | وقبلنا سبح الجوديّ والجمد |
وأورد على ما ذكره أولا أن من منع إضافة العلم قياسا لم يفرق بين إضافة وإضافة فإن ادعى أن بعض الأعلام اشتهرت بمعنى كحاتم بالكرم فيجوز في نحوه الإضافة لقصد التخصيص ودفع العموم الطارئ فما نحن فيه ليس من هذا القبيل كما لا يخفى، وما ذكر من دلالته على التنزيه من جميع النقائص هو الذي يشهد له المأثور، ففي العقد الفريد عن طلحة قال: سألت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن تفسير سبحان الله فقال: تنزيه لله تعالى عن كل سوء.
وقال الطيبي في قول الزمخشري: إنه دل على التنزيه البليغ عن جميع القبائح التي يضيفها إليه أعداء الله تعالى إن ذلك مما يأباه مقام الإسراء إباء العيوف الورود وهو مزيف بل معناه التعجب كما قال في النور الأصل في ذلك أن يسبح الله تعالى عند رؤية العجيب من صنائعه ثم كثر حتى استعمل في كل متعجب منه وليس بشيء، ففي الكشف أن التنزيه لا ينافي التعجب كما توهم واعترض، وجعله مدارا والتعجب تبعا هاهنا هو الوجه بخلاف آية النور، وذكر بعضهم أن الظاهر من كلام الكشاف في مواضع أنه لا يرتضي الجمع بين التنزيه والتعجب للمنافاة بينهما بل لأن كلا منهما معنى مستقل فالجمع