جوابا حتى تقع نعم في جوابه. والقول بأنه يفهم من صدر الكلام أن منهم من قال: هما ساحران فصدق وقيل: نعم بعيد. ومثله القول بأن ذلك تصديق لما يفهم من قول فرعون: أَجِئْتَنا لِتُخْرِجَنا مِنْ أَرْضِنا بِسِحْرِكَ يا مُوسى [طه:
٥٧] وأيضا إن لام الابتداء لا تدخل على خبر المبتدأ.
وأجيب عن هذا بأن اللام زائدة وليس للابتداء كما في قوله:
أم الحليس لعجوز شهربه | ترضى من اللحم بعظم الرقبة |
ورج الفتى للخير ما إن رأيته | على السن خيرا لا يزال يزيد |
وأجيب: بأن الحذف لقيام القرينة والاستغناء غير مسلم والتأكيد لمضمون الجملة لا للمحذوف والحمل في البيت ممكن أيضا واقتصارهم فيه على الضرورة ذهول وكم ترك الأول للآخر واجتماع الإيجاز والإطناب مع اختلاف الوجه غير محال. وأصدق شاهد على دخول اللام في مثل هذا الكلام ما رواه الترمذي وأحمد وابن ماجة «أغبط أوليائي عندي لمؤمن خفيف الحاذ» نعم لا نزاع في شذوذ هذا الحذف استعمالا وقياسا.
الثاني أن إن من الحروف الناصبة واسمها ضمير الشأن وما بعد مبتدأ وخبر والجملة خبرها، وإلى ذلك ذهب قدماء النحاة. وضعف بأن ضمير الشأن موضوع لتقوية الكلام وما كان كذلك لا يناسبه الحذف والمسموع من حذفه كما في قوله:
إن من لام في بني بنت حسا | ن ألمه وأعصه في الخطوب |
إن من يدخل الكنيسة يوما | يلق فيها جاذرا وظباء |
الرابع: أن إن ملغاة وإن كانت مشددة حملا لها على المخففة وذلك كما أعملت المخففة حملا لها عليها في قوله تعالى: «وإن كلا لما ليوفينهم» أو حطا لرتبتها عن الفعل لأن عملها ليس بالأصالة بل بالشبه له وما بعدها مبتدأ