قال العارف بالله سيدي علي النوري الصفاقسي بعد أن تكلم على مادة "النظر" هذه ما نصه: "لا يخفى أن بعضه نظر بصر كقوله تعالى: ﴿تَسُرُّ الناظرين﴾ [البقرة: ٦٩]. وبعضه للاستدلال كقوله تعالى: ﴿قُلِ انظروا مَاذَا فِي السماوات والأرض﴾ [يونس: ١٠١]. ﴿فانظر إلى آثَارِ رَحْمَتِ الله كَيْفَ يُحْيِيِ الأرض بَعْدَ مَوْتِهَآ﴾ [الروم: ٥٠]. وبعضه للاعتبار كقوله تعالى: ﴿فانظر كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ المفسدين﴾ [النمل: ١٤]. وبعضه نظر تعجب كقوله تعالى: ﴿انظر كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيات ثُمَّ انظر أنى يُؤْفَكُونَ﴾ [المائدة: ٧٥]. انتهى كلامه رضي الله عنه.
هذا: وليس من باب النظر كلمة "ناظرة" الأولى في قوله تعالى: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ﴾ [بالقيامة، الآية: ٢٢]. وكلمة "نظرة" في قوله تعالى: ﴿وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً﴾ [بالدهر، الآية: ١١]. وفي قوله سبحانه: ﴿نَضْرَةَ النعيم﴾ [بالمطففين، الآية: ٢٤]. فالكلمات الثلاثة بالضاد المعجمة لأنها من النضارة بمعنى الحسن والإضاءة ومنه قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نضَّر الله عبداً سمع مقالتي فوعاها وحفظها ثم أداها إلى من لم يسمعها فرب حامل فقه غير فقيه". الحديث. وهذا معنى قول الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية "وجميع النظر: إلا بويل هل وأولى" أي جميع مادة النظر مطلقاً في التنزيل بالظاء المشالة إلا ﴿نَضْرَةَ النعيم﴾ [الآية: ٢٤] بسورة ويل للمطففين و ﴿نَضْرَةً وَسُرُوراً﴾ [الآية: ١١] بسورة هل أتى و ﴿نَاظِرَةٌ﴾ [الآية: ٢٢] الاولى بالقيامة كما مر وخرج بقوله: "وأولى ناضرة" كلمة "ناظرة" الثانية بنفس سورة القيامة في قوله تعالى: ﴿إلى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ [الآية: ٢٣]. فهي بالظاء المشالة لأنها بمعنى الرؤية والمشاهدة.