هذا: ونلفت نظر القارىء الكريم إلى شيء هنا يجب أن يراعيه حال أداء القلب وهو أن يحترز عند التلفظ به من كلا الشفتين على الميم المقلوبة لئلا يتولد من كزهما غنة من الخيشوم ممططة فليسكن الميم بتلطف من غير ثقل ولا تعسف وكذلك الحكم بعينه في إخفاء الميم الساكنة قبل الباء نحو ﴿فاحكم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ الله وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَآءَهُمْ عَمَّا جَآءَكَ مِنَ الحق لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَآءَ الله لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً ولكن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إلى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ﴾ [المائدة: ٤٨] على القول بالإخفاء كما سيأتي.
ووجه القلب: أنه لم يحسن الإظهار لأنه يستلزم الإتيان بالغنة في النون والتنوين ثم إطباق الشفتين من أجل النطق بالباء عقب الغنة وفي كل هذا عسر وكلفة. وكذلك لم يحسن الإدغام لبعد المخرج وفقد السبب الموجب له. ولما لم يحسن الإظهار ولا الإدغام تعين الإخفاء ثم توصل إليه بالقلب ميماً لمشاركتها للباء مخرجاً وللنون غنة:
وقد أشار العلامة الجمزوري في تحفته إلى حكم القلب بقوله فيها:

والثالِثُ الإقلاب عندَ الباءِ ميماً بغُنَّة معَ الإخفاءِ اهـ
الكلام على الحكم الرابع "الإخفاء" ووجهه وضوابطه
من معاني الإخفاء في اللغة "الستر" وفي الاصطلاح هو عبارة عن النطق بحرف ساكن عار من الشديد على صفة بين الإظهار والإدغام مع بقاء الغنة في الحرف الأول وهو هنا النون الساكنة والتنوين. والميم الساكنة في الإخفاء الشفوي. وحروفه هنا خمسة عشر حرفاً وهي الباقية من الحروف الهجائية بعد إسقاط الحروف المتقدمة للأحكام الثلاثة السابقة التي هي الإظهار والإدغام والقلب. وقد جمعها الجمزوري في تحفته في أوائل كلمات هذا البيت:


الصفحة التالية
Icon