والتنوين وبعدهن عنهما في المخرج فكلما قربا من حروف الإخفاء كان إخفاؤهما عند هذا الحرف أزيد مما بعد عنه. وبذلك يكون الإخفاء على ثلاث مراتب:
أقواها: عند الطاء والدال المهملتين والتاء المثناة فوق أي أن الإخفاء عند هذه الحروف يكون قريباً من الإدغام وذلك لقربهن من النون والتنوين في المخرج.
وأدناها عند القاف والكاف أي أن الإخفاء عند هذين الحرفين يكون قريباً من الإظهار وذلك لبعدهما عن النون والتنوين في المخرج.
وأوسطها عند الحروف العشرة الباقية أي أن الإخفاء عند هذه الحروف يكون متوسطاً فليس قريباً من الإدغام كما في المرتبة الأولى ولا من الإظهار كما في المرتبة الثانية وذلك لتوسطها في القرب والبعد من النون والتنوين في المخرج.
وأما الغنة في الإخفاء في جميع أحواله السابقة فلا تفاوت فيها على التحقيق فهي لا تزيد ولا تنقص عن مقدار حركتين كالمد الطبيعي كما سيوقف على ذلك قريباً.
الخامس: كل ما جاء في هذا الباب من الأحكام الأربعة إن كان في كلمة فالحكم فيه عام في الوصل والوقف وإن كان في كلمتين فالحكم فيه خاص بالوصل فقط هذا بالنسبة للنون، أما بالنسبة للتنوين فالحكم فيه خاص بالوصل لا غير لأنه لا يكون إلا من كلمتين كما هو مقرر. فتأمل.
وقد أشار صاحب التحفة إلى حكم الإخفاء هنا وحروفه الخمسة عشر بقوله رحمه الله:
والرابعُ الإخفاءُ عند الفاضل | من الحروفِ واجبٌ للفاضلِ |
في خمسة من بعد عشْر رمزُها | في كلم هذا البيت قد ضمَّنتُها |
صِفْ ذا ثناً كم جاد شخصٌ قد سما | دُمْ طيِّباً زدْ في تقىً ضعْ ظالما اهـ |