مرة وهذا كما قلت المشهور عند جمهور العلماء وأهل الأداء وإن تعلق رأس الآية بما بعدها لفظاً ومعنى كهذا الموضع كما تقدم. غير أن هذا الوقف الجائز مشروط بأن يكون القارىء مستمرّاً في قراءته إلى تمام الكلام وهو آخر السورة وبهذا حصل الغرض المطلوب وهو إيضاح المعنى المراد من الآية الكريمة لكل من القارىء والسامع وفي الوقت نفسه أتى القارىء بالوصفين المذكورين بعد "للمصلين" الذين يستحقون بهما هذا الوعيد. ويفهم من قولنا: "غير أن هذا الوقف الجائز مشروط بأن يكون القارىء مستمرّاً"... الخ بأنه لو قطع قراءته وأنهاها عند قوله: "فويل للمصلين" من غير عذر كان الوقف قبيحاً ويقال له فيه بل ويمنع منه لإيهام خلاف المعنى المراد ولعدم إتمام الكلام حينئذ لأن إتمامه لا يتأتَّى إلا بذكر الصفتين المذكورتين بعد. ومن محاسن الوقف على رأس الآية "فويل للمصلين" هنا أنه لو وصل القارىء قوله: "فويل للمصلين" بما بعده كما قال مانعو الوقف عليه فلربما ضاف نفسه قبل الوصول إلى الوقف التام وهو آخر السورة لا سيما من كان ضيق النفس لا يستطيع أن يتكلم بكلام كثير في نفس واحد وخاصة في هذا الزمن الذي عمت فيه البلوى لكثير من الناس وحينئذ يضطر إلى أن يتنفس في القراءة وهو حرام فيها ومفسد لها أو إلى إدماج الحروف وبتر المد مما لا يتفق وقواعد التجويد المجمع عليها ويكون بذلك أتعب نفسه فوق إفساده القراءة مع أن السنة المطهرة أباحت له الوقف على رؤوس الآي مطلقاً سواء تم الكلام أم يتم كما مر، ولنا في سيدنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أسوة حسنة.
هذا: وقد فات مانعو تجويز الوقف على قوله: "فويل للمصلين" وتأكيدهم على وصله بما بعده أن الصفتين المذكورتين بعد من باب التوابع كما هو مقرر. وهذا المعتبر إذا لم نقل بالقطع. فإن قلنا به كما جوزه علماء العربية من كل موصول وقع صفة يحتمل أن يكون تابعاً أو مقطوعاً عن التبعية لعدم ظهور الإعراب عليه لبنائه. بل جوزوا قطع الصفة عن الموصوف في العموم سواء كان موصولاً أو غير موصول. وبناء على جواز قطع الصفة عن الموصوف نقول: إن جعلنا الموصول هنا مع صلته خبراً لمبتدأ محذوف تقديره هم الذين إلخ كان الوقف على "للمصلين" كافياً فضلاً عن كونه رأس آية. وهذا أمر لا يخفى ومثله