إلى ما تقدمها فيقف عند منتهاها لا دون مبتداها كما قد يفعله الكثيرون. وإلا فعليه ألا يتجاوز قول رب العالمين ﴿أَمِ اتخذوا مِن دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ هذا ذِكْرُ مَن مَّعِيَ وَذِكْرُ مَن قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ الحق فَهُمْ مُّعْرِضُونَ﴾ [الأنبياء: ٢٤] على رأس الآية الرابعة والعشرين ليحسن له الابتداء بما بعدها حسناً بالغاً الغاية بيقين لا تخمين في ولا تظنين.
ولا يقطع تلاوته دون قوله في محكم آي الكتاب ﴿* وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ الطرف أَتْرَابٌ﴾ [ص: ٥٢] وليقطع دون قول العزيز الوهاب: ﴿هذا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ﴾ [ص: ٤٩] ليستهل به من بعد التلاوة قراءة حلاوة وطلاوة أو ليبلغ بتلاوته نهاية ذكر خبر أهل الجنة من سورة ص في قوله تعالى: ﴿إِنَّ هذا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِن نَّفَادٍ﴾ [ص: ٥٤].
ليت قارئنا الأغر، وطالبنا الزكي الأبر يفعل ذلك... وليته إذ يقرأ القرآن الكريم العظيم الحكيم يقرؤه بتدبر في خشوع على بصيرة فيصل ما أمر الله به أن يوصل من كلماته وآياته ومبانيه ومعانيه. فإنه أجدر به وأجدى له وإنه لأعظم له في الأجر. وأرضى له في الذخر. وأطيب له في الزاد يوم النفاد ويوم المعاد... والله ولي التوفيق والهادي لأقوم طريق وبعد هذا الذي أفضنا لك فيه. ووسعناه بالتفهيم والتنبيه مما ينبغي التفطن له حال التلاوة والأداء. من عموم القراء. ندع المقام للعلامة الكبير الإمام أبي زكريا يحيى بن شرف النووي - رحمه الله - فإنه قد سبق في بيان ذلك الذي نبهنا عليه. واشار إليه فأفاد وأجاد.
قال رحمه الله تعالى في كتابه التبيان في آدب حملة القرآن ما نصه:
"فصل": ينبغي للقارىء إذا ابتدأ من وسط السورة أو وقف على غير آخرها أن يبتدىء من أول الكلام المرتبط بعضه ببعض. وأن يقف على الكلام المرتبط ولا يتقيد بالأعشار والأجزاء فإنها قد تكون في وسط الكلام المرتبط كالجزء الذي في قوله تعالى: ﴿* والمحصنات مِنَ النسآء﴾ [النساء: ٢٤] وفي قوله: {* وَمَآ


الصفحة التالية
Icon