كما يؤخذ من عبارته بل بينه في موضعين اثنين وهما موضعا سورة التوبة وغافر على أن توضيحه للمحظور في هذين الموضعين كان توضيحاً خفيفاً مع كلمات أخرى ليست من باب "الذي" و"الذين".
وها نحن أولاء نفسر لك ما أجمله العلامة الأشموني بتوضيح المحظور الذي عناه في المواضع كلها بمشيئة الله تعالى.
أما الموضع الأول: فالكلام فيه مستأنف ولا تعلق له بما قبله لفظاً ولا معنى. إذ ما قبله جملة شرطية تم الكلام فيها بذكر جواب الشرط وذلك في قوله تعالى: ﴿وَلَئِنِ اتبعت أَهْوَآءَهُمْ بَعْدَ الذي جَآءَكَ مِنَ العلم مَا لَكَ مِنَ الله مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ﴾ [البقرة: ١٢٠]. والذي بعده وهو قوله تعالى: ﴿الذين آتَيْنَاهُمُ الكتاب يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ﴾ [البقرة: ١٢١]. واقع موقع المبتدأ الموصوف بقوله: "يتلونه حق تلاوته" والمخبر عنه بقوله: ﴿أولائك يُؤْمِنُونَ بِهِ﴾ [البقرة: ١٢١]. والمبتدأ إنما سمي مبتدأ لابتداء الكلام به فعدم البدء به محظور، لكنه محظور صناعي لأن مقتضى صنعة الكلام أن يبتدأ بالمبتدأ كما هو مذكور في مواضعه في كتب اللغة.
وأما الموضع الثاني: فإن الوصل فيه بجعل جملة ﴿الذين آتَيْنَاهُمُ الكتاب يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ﴾ [البقرة: ١٤٦] صفة ل ﴿الظالمين﴾ [البقرة: ١٤٥] فاصلة الآية الكريمة ﴿وَلَئِنْ أَتَيْتَ الذين أُوتُواْ الكتاب بِكُلِّ آيَةٍ مَّا تَبِعُواْ قِبْلَتَكَ وَمَآ أَنتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتبعت أَهْوَاءَهُم مِّن بَعْدِ مَا جَآءَكَ مِنَ العلم إِنَّكَ إِذَاً لَّمِنَ الظالمين﴾ [البقرة: ١٤٥]. فيوهم معنىغير مراد إذ يظن منه أن الذين يعرفون النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما يعرفون أبناءهم من الذين آتاهم الله تعالى الكتاب جميعاً ظالمون وليس كذلك فقد قال القرآن الكريم: ﴿الذين آتَيْنَاهُمُ الكتاب يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الحق وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: ١٤٦]. فالفريق الكاتم وحده هو الفريق الظالم وما خلاه