إلى الحنك الأعلى عند النطق بالحرف وانفتاحه عنه فما انطبق معه اللسان إلى الحنك الأعلى فمطبق وما انفتح اللسان عن الحنك الأعلى فمنفتح.
الصفة التاسعة: الذلاقة ومن معانيها في اللغة الفصاحة والخفة وفي الاصطلاح الاعتماد عند النطق بالحرف على ذلق اللسان والشفة وقيل غير ذلك وحروفها ستة جمعها الحافظ ابن الجزري في المقدمة والطيبة في قوله: "فِرَّ مِنْ لُبِّ" وهي الفاء والراء والميم والنون اللام والباء الموحدة. وسميت بذلك لذلاقتها أي خفتها وسرعة النطق بحروفها لأن بعضها يخرج من ذلق اللسان أي طرفه وهو الراء واللام والنون وبعضها يخرج من ذلق الشفة وهو الفاء والباء والميم وكما تسمى بالذلاقة تسمى بالحروف المذلقة وبحروف الإذلاق وكلها ألفاظ مترادفة.
الصفة العاشرة: الإصمات وهو ضد الذلاقة ومعناه في اللغة المنع وفي الاصطلاح منع حروفه من أن يبنى منها وحدها في كلام العرب كلمة رباعية الأصول أو خماسية لثقلها على اللسان فلا بد من أن تكون في الكلمات الرباعية الأصول أو الخماسية حرف من الحروف المذلقة لتعدل خفته ثقل حرف الإصمات ولهذا سميت بالحروف المصمتة. وأما كلمة عسجد اسم للذهب وعسطوس بفتح العين والسين اسم شجر فقيل إنهما غير أصليين في كلام العرب بل ملحقان به وقيل شاذان وقيل غير ذلك واعلم أن صفة الإذلاق وضدها صفة الصمت لا دخل لهما في تجويد الحروف.
هذا: وحروف الإصمات ثلاثة وعشرون حرفاً هي الباقية من حروف الهجاء بعد الحروف الستة المتقدمة للذلاقة. ويؤخذ من هذا أن حروف الهجاء موزعة على صفتي الذلاقة والإصمات فماكان من حروف "فر من لب" فمذلق وما كان من غيرها فمصمت.
وهنا قد انتهى كلامنا على الصفات العشر ذوات الأضداد وهي التي أشار إليها الحافظ ابن الجزري في المقدمة والطيبة بقوله:

صفاتُها جهرٌ ورخوٌ مستفل منفتح مصمتةٌ والضدَّ قُلْ
مهموسُها (فحثَّهُ شخصٌ سكت شديدها لفظٌ (أجد قط بَكَتْ)
وبين رخو والشديد (لن عُمَرْ) وسبعُ عُلْوٍ (خُصَّ ضغطٍ قظْ) حصرْ
وصادُ ضاد طاءُ ظاءٌ مُطبقهْ وَ (فِرَّ مِنْ لبِّ) الحروف المذلَقَهْ
الكلام على الصفات التي لا ضد لها
وهي سبع كما مر آنفاً وفيما يلي تفصيلها واحدة واحدة:
الصفة الأولى: الصفير ومن معانيه في اللغة - حدة الصوت - وفي الاصطلاح حدوث صوت زائد يخرج من بين الشفتين يشبه صوت الطائر عند النطق بحروفه الثلاثة التي هي الصاد والزاي والسين ولذا سميت بحروف الصفير. وأقوى تلك الحروف في الصفير الصاد لاستعلائها وإطباقها ثم الزاي لجهرها ثم السين لهمسها.
الصفة الثانية: القلقلة ومن معانيها في اللغة: التحريك والاضطراب وفي الاصطلاح اضطراب اللسان بالحرف عند النطق به ساكناً حتى يسمع له نبرة قوية وحروفها خمسة جمعها الحافظ ابن الجزري في مقدمته وطيبته بقوله: (قطب جد) وهي القاف والطاء والباء الموحدة والجيم والدال المهملة وسميت بذلك لأنها حال سكونها تتقلقل عند خروجها حتى يسمع لها نبرة قوية - أي صوت عال - وذلك لأن من صفاتها الشدة والجهر فالشدة تمنع الصوت أن يجري معها والجهر يمنع النفس أن يجري معها كذلك. فلما امتنع جريان الصوت والنفس مع حروفها احتيج إلى التكلف في بيانها بإخراجها شبيهة بالمتحرك.
والقلقلة صفة لازمة لحروفها الخمسة المذكورة آنفاً ولا فرق بين أن يكون الساكن منها موصولاً نحو ﴿يَقْبَلُ﴾ [التوبة: ١٠٤] ﴿يَطْبَعُ﴾ [الأعراف: ١٠١] ﴿يَبْدَأُ﴾ [يونس: ٤] ﴿يَجْمَعُ﴾ [المائدة: ١٠٩] {


الصفحة التالية
Icon