سبحانه: ﴿وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقتلوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخرجوا مِن دِيَارِكُمْ مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ﴾ [النساء: ٦٦] وما شابه ذلك.
وهذا ما أشار إليه الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية بقوله رحمه الله تعالى:
وابْدَأ بهمز الوصْلِ من فِعْلٍ بضَم | إن كان ثالثٌ من الفعل يُضَمّ اهـ |
فخرج بالضم اللازم في ثالث الفعل الذي هو شرط في البدء بالضم، الضم العارض وحينئذ يبتدأ فيه بكسر الهمزة وجوباً نحو "اقضوا وابنوا وامضوا وامشوا وائتوا" في قوله تعالى:
﴿ثُمَّ اقضوا إِلَيَّ وَلاَ تُنظِرُونَ﴾ [يونس: ٧١]، وقوله تعالى:
﴿فَقَالُواْ ابنوا عَلَيْهِمْ بُنْيَاناً﴾ [الكهف: ٢١]، وقوله سبحانه:
﴿وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ وامضوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ﴾ [الحجر: ٦٥]، وقوله عز من قائل:
﴿ثُمَّ ائتوا صَفّاً﴾ [طه: ٦٤]. وقوله سبحانه:
﴿ائتوني بِكِتَابٍ مِّن قَبْلِ هاذآ أَوْ أَثَارَةٍ﴾ [الأحقاف: ٤] ونحوه وليس في القرآن غير هذه الأفعال الخمسة التي ضم ثالثها عارض فيما أحسب. وإن كان فيه غيرها فهو واضح، لكن لا يجوز البدء بهمزة الوصل مجردة عن واو العطف في "وامضوا" كما هو ظاهر فليعلم ذلك.
هذا: وبيان عروض الضمة في ثالث هذه الأفعال هو أن كلمة "اقضوا" كان أصلها "اقضيوا" بضاد مكسورة وياء مضمومة بعدها فنقلت ضمة الياء إلى الضاد بعد تقدير سلب حركتها فالتقى ساكنان الياء والواو فحذفت الياء لالتقاء الساكنين فصارت الكلمة "اقضوا" بضم الضاد وحذف الياء وكذلك القول في باقي الأفعال التي ضم ثالثها عارض فيما ذكرنا، فتأمل.