وعلامتها "ووجه الإخفاء" حصول الفرق بين ما هو قرآن وما هو ليس بقرآن لأن لفظ التعوذ ليس في القرآن بالإجماع والله أعلم.
الثالثة: في حكمها وجوباً أو استحباباً.
اختلف العلماء في ذلك بعد اتفاقهم على أن الاستعاذة مطلوبة من مريدي القراءة فقال جمهورهم بالاستحباب أي أن الاستعاذة مستحبة عند إرادة القراءة. وعليه فالأمر الوارد في قوله تبارك وتعالى: ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ القرآن فاستعذ بالله مِنَ الشيطان الرجيم﴾ [النحل: ٩٨] محمول على الندب وعلى هذا المذهب لا يأثم القارئ بتركها.
وقال غير الجمهور بالوجوب أي أن الاستعاذة واجبة عند إرادة القراءة. وعليه فالأمر الوارد في الآية المذكورة محمول على الوجوب وعلى هذا المذهب يأثم القارئ بتركها. والمأخوذ به هو مذهب الجمهور فاحفظه.
الرابعة: في محلها.
جمهور العلماء على أن محل الاستعاذة قبل القراءة أي مقدمة عليها وقيل إن محلها بعد القراءة لظاهر الآية وهو غير صحيح.
قال الإمام أبو شامة في شرحه على الشاطبية: "ووقت الاستعاذة ابتداء القراءة جرى على ذلك العمل في نقل الخلف عن السلف إلا ما شذ عن بعضهم أن موضعهم بعد الفراغ من القراءة وقوله تعالى: ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ القرآن فاستعذ بالله﴾ [النحل: ٩٨] معناه إذا أردت القراءة كقوله تعالى: ﴿إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصلاة فاغسلوا﴾ [المائدة: ٦] وقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذا توضأ أحدكم فليستنشر، ومن أتى الجمعة فليغتسل". كل ذلك مبني على حذف الإرادة أهـ منه بلفظه، وقد أبطل غير واحد من أهل العلم القول بأن الاستعاذة تكون بعد القراءة لظاهر الآية، وقد أطال الحافظ ابن الجزري في الرد على من قال بذلك مما ينبغي الوقوف عليه وقد تركنا إيراد كلامه