وهذه الأوجه الاثنا عشر تجوز لحفص عند الابتداء من أول سورة الفاتحة وما بعدها من السور إلى آخر القرآن الكريم باستثناء البدء من أول سورة براءة كما تقدم. وما ذكره العلامة الضباع في كتابيه "صريح النص" و"تذكرة الإخوان" من أن أوجه التكبير التي تجوز في الابتداء لحفص إنما تجوز من أول سورة الفاتحة وما بعدها إلى أول سورة الضحى فقط فهو سبق قلم منه رحمه الله تعالى ولم أر وجهاً لذلك لأن القارئ قد يبتدئ من أول أي سورة من سور الختم بعد الضحى فكيف يكون حاله فهل يكبر أو ينتهي تكبيره عند الضحى كما قال لم أر فيما وقفت عليه من قال بقوله بل أطلق كلهم تعميم التكبير في الابتداء بسور القرآن كلهم عدا الابتداء بسورة براءة كما مر آنفاً. ولعله أراد بانتهاء التكبير عند الضحى نظراً لجواز التهليل مع التكبير أو التهليل مع التكبير والتحميد ابتهاجاً بختم القرآن على رأي بعض المتأخرين كما تقدم وهنا سترتقي أوجه الابتداء في هذا المحل من ثمانية أوجه على القول بالتكبير إلى أربعين وجهاً على القول نفسه كما سنوضحه بعد ولكن هذا بعيد لأنه لو أراده لنبه عليه وربما أراده وسها عن أن يقيده رحمه الله رحمة واسعة ورحمنا معه بفضله وكرمه آمين.
وأما الابتداء من أول سورة براءة فليس فيه تكبير لأحد وذلك لعدم وجود البسملة في أولها إذ من شرط التكبير اقترانه بالبسملة كما تقدم.
الكلام على الموطن الثاني من مواطن التكبير وبيان الأوجه التي فيه
وهذا الموطن هو الخاص بالجمع بين السورتين كالجمع بين آخر الفاتحة وأول البقرة وما بعدهما إلى آخر ما بين الليل وأول الضحى باستثناء آخر الأنفال وأول براءة. وهنا يجوز لحفص خمسة أوجه على القول بالتكبير وأما على القول بتركه فيجوز له ثلاثة أوجه فقط وهي أوجه البسملة الثلاثة التي بين السورتين والتي مر ذكرها آنفاً في باب البسملة. وعليه فتكون جملة الأوجه التي بين السورتين لحفص في هذا الموطن على كلا القولين - التكبير وعدمه - ثمانية أوجه وفيما يلي تفصيلها مع تقديم وجه عدم التكبير حسب رأي الجمهور ووفقاً لترتيب الأداء الذي قرأنا به وبه نأخذ قراءة وإقراء.
الأول: قطع الجميع أي الوقف على آخر السورة السابقة وعلى البسملة والابتداء بأول السورة اللاحقة.
الثاني: قطع الأول ووصل الثاني بالثالث أي الوقف على آخر السورة السابقة ووصل البسملة بأول اللاحقة وهذان الوجهان من غير تكبير.
الثالث: قطع الجميع أيضاً لكن مع التكبير وكيفيته الوقف على آخر السورة السابقة وعلى التكبير وعلى البسملة ثم الابتداء بأول السورة اللاحقة.
الرابع: مثل الثالث غير أنه مع وصل البسملة بأول السورة اللاحقة.
الخامس: الوقف على آخر السورة السابقة ووصل التكبير بالبسملة مع الوقف عليها ثم الابتداء بأول السورة اللاحقة.
السادس: الوقف على آخر السورة السابقة ووصل التكبير بالبسملة بأول السورة اللاحقة. فهذه ست أوجه جاءت على قطع آخر السورة السابقة.
أما الوجهان الباقيان المكملان للأوجه الثمانية فيأتيان على وصل آخر السورة السابقة وهما:
السابع: وصل الجميع أي وصل آخر السورة السابقة بالبسملة بأول السورة اللاحقة دفعة واحدة بدون تكبير.
الثامن: وصل الجميع أيضاً لكن مع التكبير وكيفيته وصل آخر السابقة بالتكبير بالبسملة بأول السورة اللاحقة جملة واحدة.
وقد أشار إلى هذه الأوجه الثمانية العلامة الخليجي في تيسير الأمر بقوله:
وبين كل غير ذين قف وصل | مكبِّراً أوْ لا قطعت أو تصل |
مع قطع أول وصلْ كلاًّ إذا | كبرتَ أو لا فثمان تحتذا اهـ |