٢- والاستبعاد:
والاستبعاد يكون إذا كان ما بعد "ثم" أمرًا مستبعد الوقوع بالنسبة لما قبلها، أو بعبارة أخرى، إذا كان ما قبلها من الأحداث والأفعال مهيئا لعدم حصول ما بعدها، وذلك مثل قوله تعالى: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآَيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا﴾ ١. يقول الزمخشري: "في قوله: ﴿ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا﴾ للاستبعاد: والمعنى أن الإعراض عن مثل آيات الله في وضوحها وإنارتها وإرشادها إلى سواء السبيل والفوز بالسعادة العظمى بعد التذكير بها مستبعد في العقل والعدل، كما تقول لصاحبك: وجدت مثل تلك الفرصة ثم لم تنتهزها، استبعادا لتركه الانتهاز، ومنه "ثم" في بيت الحماسة:
لا يكشف الغماء إلا ابن حرة | يرى غمرات الموت ثم يزورها٢ |
٣- إذا تكررت فالكرة الثانية أبلغ من الأولى:
فقد تكررت "ثم" في قوله تعالى: ﴿سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا، إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ، فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ، ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ، ثُمَّ نَظَرَ، ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ، ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ، فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ﴾ ٦. فما معنى "ثم" الداخلة في
١ السجدة: ٢٢.
٢ أي لا يكشف الخصلة الشديدة إلا رجل كريم يرى قحم الموت ثم يتوسطها لا يعدل عنها، وإنما قال ابن حرة ليصير مهيجا لأنفته -وفي إيثار لفظ "الزيارة" وإشعاره بأنه يلاقيها لقاء معظم لمحبوبه من المبالغة ما لا يخفى "شرح شواهد الكشاف" ٤/ ٤١٧.
٣ الكشاف ٣/ ٢٤٦.
٤ النحل: ٨٣، والكشاف ٢/ ٤٢٣.
٥ البقرة: ٨٤، والكشاف ١/ ٢٩٣.
٦ المدثر: ١٧/ ٢٠.
٢ أي لا يكشف الخصلة الشديدة إلا رجل كريم يرى قحم الموت ثم يتوسطها لا يعدل عنها، وإنما قال ابن حرة ليصير مهيجا لأنفته -وفي إيثار لفظ "الزيارة" وإشعاره بأنه يلاقيها لقاء معظم لمحبوبه من المبالغة ما لا يخفى "شرح شواهد الكشاف" ٤/ ٤١٧.
٣ الكشاف ٣/ ٢٤٦.
٤ النحل: ٨٣، والكشاف ٢/ ٤٢٣.
٥ البقرة: ٨٤، والكشاف ١/ ٢٩٣.
٦ المدثر: ١٧/ ٢٠.