كيفية قصة المنافقين مشبهة لكيفيتي هاتين القصتين، وأن القصتين سواء في استقلال كل واحدة منهما بوجه التمثيل، فبأيتهما مثلتها فأنت مصيب، وإن مثلتها بهما جميعا فكذلك"١، وفي "أو" التي بمعنى "الواو" قوله تعالى: ﴿وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا﴾ ٢.
٥- أدوات أخرى للوصل:
"أ" على:
وتفيد الاستعلاء، ففي قوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾ ٣. فشهادة الرسول لهم لا عليهم، لكن لما كان الشهيد كالرقيب والمهيمن على المشهود له جيء بكلمة الاستعلاء. ومثله ﴿فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ، أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ﴾ ٤، وأيضا: ﴿أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ... ﴾ ٥.
"ب" لام الجر:
ويستشف منها الزمخشري معنى أدبيًّا خلابا في قوله تعالى: ﴿أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ﴾ ٦، يقول: فما معنى اللام في قوله: ﴿أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا﴾، وما الفرق بينه وبين قولك: "كان عند الناس عجبا" معناه: أنهم جعلوه لهم أعجوبة يتعجبون منها ونصبوه علما لهم يوجهون نحوه استهزاءهم وإنكارهم، وليس في "عند الناس" هذا المعنى٧.

١ الكشاف ١/ ١٣١.
٢ الأنعام ١٤٦، والكشاف ٢/ ٥٨، أو الحوايا: أو ما اشتمل على الأمعاء.
٣ المائدة: ١١٧.
٤ القلم: ٢١/ ٢٢، وانظر الكشاف ٤/ ١٤٤ وصارمين: حاصدين.
٥ البقرة: ٥، والكشاف ١/ ١٤٣.
٦ يونس: ٢.
٧ الكشاف ٢/ ٢٢٤.


الصفحة التالية
Icon