وقد يرمز الذكر الحكيم باستعمال "إن" إلى شيء مما كانت تحتويه الحياة العربية من أخلاق وعادات في شيء من اللوم والتعنيف، ثم نجد الزمخشري يلتفت إلى هذا ويلفتنا إليه، يقول في قوله تعالى: ﴿وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ ١، فإذا قلت: لم أقحم قوله: ﴿إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا﴾ ؟ قلت: لأن الإكراه لا يتأتى إلا مع إرادة التحصن، وآمر الطيعة المواتية للبغاء لا يسمى مكرها ولا أمره إكراها، وكلمة "إن" وإيثارها على كلمة "إذا" إيذان بأن المساعيات كن يفعلن ذلك برغبة وطواعية منهن"٢.
٤- الوصل بين الصفات المتعددة:
"أ" لبيان تعدد الصفات للموصوف.
"ب" لكمال الصفات في الموصوف.
"ج" لبلوغ أحد الموصولين شهرة الآخر في الصفة.
"أ" الوصل لبيان تعدد الصفات للموصوف:
ففي قوله تعالى: ﴿وَإِذْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ﴾ ٣ يعني ذلك أنه الجامع بين كونه كتابا منزلا وفرقانا يفرق بين الحق والباطل، يعني: التوراة، كقولك: رأيت الغيث والليث، تريد الرجل الجامع بين الجود والجرأة، ونحوه قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ﴾ ٤. يعني الكتاب الجامع بين كونه فرقانا وضياء وذكرا"٥.

١ النور: ٣٣.
٢ الكشاف ٣/ ٦٦.
٣ البقرة: ٥٣.
٤ الأنبياء: ٤٨.
٥ الكشاف ١/ ٢٨١.


الصفحة التالية
Icon