بالصفة، يقول الزمخشري في قوله تعالى: ﴿وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ﴾ ١. فإن قلت: فما هذه الواو الداخلة على الجملة الثالثة، ولم دخلت عليها دون الأولين؟ قلت: هي الواو التي تدخل على الجملة الواقعة صفة للنكرة، كما تدخل على الواقعة حالا عن المعرفة، في نحو قولك: جاءني رجل ومعه آخر، ومررت بزيد وفي يده سيف، ومنه قوله تعالى: ﴿وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ﴾ ٢. وفائدتها تأكيد لصوق الصفة بالموصوف والدلالة على اتصافه بها أمر ثابت مستقر، وهذه الواو هي التي أذنت بأن الذين قالوا سبعة وثامنهم كلبهم قالوا عن ثبات وعلم، وطمأنينة نفس، ولم يرجموا بالظن، كما قال غيرهم، والدليل عليه أن الله سبحانه أتبع القولين الأولين قوله: ﴿رَجْمًا بِالْغَيْبِ﴾ وأتبع القول الثالث قوله: ﴿مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ﴾، وقال ابن عباس: "حين وقعت الواو انقطعت العدة: أي لم يبق بعدها عدة عاد يلتفت إليه"٣، ويكرر الزمخشري هذا التحليل في قوله تعالى: ﴿وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ﴾ ٤.
"ز" الوصل للفت إلى معنى يحدده سياق الكلام:
ومن ذلك أن المعطوف قد لا يراد تشريكه في الحكم مع المعطوف عليه، وإنما يراد اللفت إلى معنى يحدده سياق الكلام، يقول الزمخشري في قوله تعالى: ﴿وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ﴾ ٥. قرأ جماعة "وأرجلكم" بالنصب، فدل على أن الأرجل مغسولة، فإن قلت: فما تصنع بقراءة الجزم ودخولهما في حكم المسح؟ قلت: الأرجل من بين الأعضاء المغسولة، تغسل بصب الماء عليها، فكانت مظنة الإسراف المذموم المنهي عنه، فعطف على الثالث الممسوح لا لتمسح ولكن لينبه على وجوب الاقتصاد في صب الماء عليها"٦.
٢ الحجر: ٤.
٣ الكشاف ٢/ ٤٧٨.
٤ الكشاف ٢/ ٤٨٧.
٥ المائدة: ٦.
٦ الكشاف ١/ ٥٩٧.