تَعْضُلُوهُنَّ} ١، و ﴿لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا﴾ ٢، وغيرها٣.
رابعا: أن ما أطلق عليه كمال الانقطاع مع إيهام الفصل خلاف المقصود، وضربوا له مثلا "لا وعافاك الله" يعتبر دليلا على عطف الإنشائية على الخبرية و"لا" بمعنى "أنفي ذلك" فهي جملة خبرية، و"عافاك الله" جملة خبرية لفظا إنشائية معنى "دعاء"، هذا، بالإضافة إلى أنها تصلح أن تؤدي المعنى بطرح الواو، فالمتكلم حين يقول للمخاطب "لا" ثم يتوقف لحظة ثم يستأنف كلامه داعيا له بقوله "عافاك الله" يكون قد أدى المعنى بلا لبس.
خامسا: أن هذه القواعد لم تراع المعنى العام ولا السياق الجامع المتجانس الذي اقتضى فصلا هنا ووصلا هناك. وانكمشت في أمثلة تعليمية، وشواهد محدودة، غاضة الطرف عن رحاب القرآن الفسيحة، الذي يخضع لوحدة موضوعية فنية، وصورة كلية أجزاؤها السور مجتمعة، ثم كل سورة على حدة لما حوت من آيات، وكل آية بما حوت من ألفاظ، بل وكل لفظة بما حوت من حروف.
وبعيدا عن تشعب هذه القوانين وتداخلها أقول -إن المقياس الحقيقي لقبول الفصل أو الوصل هو أن تؤدي العبارة- في إطار السياق العام- الغرض من صياغتها في إيصال المعنى إلى المخاطب في أوضح صورة وأحلاها، فإذا أدى الوصل بين مفردين أو جملتين إلى معنى غير المقصود، أو إلى المعنى المقصود بصورة رديئة أو بصورة لا يقبلها العقل وجب الفصل، وإذا كان الفصل سببا في الإيهام بغير المقصود أو في فقدان المنطقية الفنية أو العقلية أو فقدان الرشاقة في الأسلوب وجب الوصل.

١ النساء: ١٤.
٢ مريم: ٤٦.
٣ النور: ٥٧، النمل: ٩، ١٠، الحجرات: ١٢، نوح: ٢٤، الكوثر: ١، ٢، البقرة: ٤، ٢٥، الصف: ١٣، مريم: ٧٥، ٧٦، دراسات لأسلوب القرآن: ق١ ج٣ ص٥٣٧ وما بعدها.


الصفحة التالية
Icon