٥- بل:
وأشار إليها الزمخشري١، وعنها يقول الزركشي: "حرف يفيد الإضراب عن المعنى الأول وإثبات المعنى الثاني"، فهو يقطع ويفصل، ولأن إثبات الثاني لم يجيء إلا بإبطال الأول، فهو مرتبط به موصول بوجوده، أي أنه فصل موصول، أو قطع مربوط، نحو قوله تعالى: ﴿وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ﴾ ٢. ومن أنواع الإضراب الانتقال من حديث إلى حديث آخر، والخروج من قصة إلى قصة من غير رجوع عن الأولى، وهي في هذه الحالة عاطفة -كما قال الصفار- كقوله تعالى: ﴿لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا﴾ ٣، وكقوله تعالى: ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ﴾ ٤. انتقل من القصة الأولى إلى ما هو أهم منها -ومن أنواع الإضراب القطع الصريح، بأن تكون "بل" استئنافية، كقوله تعالى: ﴿ق وَالْقُرْآَنِ الْمَجِيدِ، بَلْ عَجِبُوا﴾ ٥، وقوله تعالى: ﴿ص وَالْقُرْآَنِ ذِي الذِّكْرِ، بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ﴾ ٦.
٦- الجملة الاعتراضية:
وتفصل بين الجملة للتنزيه -كما يقول الزركشي- كقوله تعالى: ﴿وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ -سُبْحَانَهُ- وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ﴾ ٧. فاعتراض سبحانه بغرض التنزيه والتعظيم، وفيه الشناعة على من جعل البنات لله، ومنها كون الثاني بيانا للأول، كقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾ ٨، فإنه

١ انظر ص٩٥ من البحث.
٢ الأنبياء: ٢٦.
٣ الكهف: ٤٨.
٤ السجدة: ٣.
٥ ق: ١، ٢.
٦ ص: ١، ٢، وانظر في "بل" البرهان ٤/ ٢٥٨، ورصف المباني ١٥٣، والمغني ١/ ١٥١.
٧ النحل: ٥٧.
٨ البقرة: ٢٢٢.


الصفحة التالية
Icon