مواقع الحروف"، وترجح استعمالها في بعض المحال على بعض بحسب مقتضى الحال"١، وقد امتلأت كتب معاني الحروف والنحو والتفسير باجتهادات العلماء في هذا المضمار.
فمثلا "الواو"٢ يقول فيها الزركشي "الواو -حرف يكون عاملا وغير عامل، فالعامل قسمان: جار وناصب... وأما الواو غير العاملة فلها معان: الأول: وهو أصلها - العاطفة تشرك في الإعراب والحكم وهي لمطلق الجمع على الصحيح، ولا تدل على أن الثاني بعد الأول، بل، قد يكون كذلك وقد يكون قبله وقد يكون معه- فمن الأولى ﴿إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا، وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا﴾ ٣ فإن الإخراج متأخر عن الزلزال، وذلك معلوم من قضية الوجود من "الواو"، ومن الثاني ﴿وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾ ٤، والركوع قبل السجود، ولم ينقل أن شرعهم كان مخالفا لشرعنا في ذلك... إلخ، والمعنى الثاني: واو الاستئناف: وتسمى واو القطع، والثالث: واو الحال: كقوله تعالى: ﴿فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ ٥، والرابع: للإباحة: نحو، جالس الحسن وابن سيرين لأنك أمرت بمجالستهما معا، وعلى هذا أخذ مالك قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ﴾ ٦، والخامس: واو الثمانية: نحو قوله تعالى: ﴿سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ﴾ ٧، والسادس: للتوكيد، كقوله تعالى: ﴿إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ﴾ ٨، بدليل الآية الأخرى٩.
٢ انظر في "الواو" المغني ٤٦٣ ورصف المباني ٤٠٩.
٣ الزلزلة: ١، ٢.
٤ آل عمران: ٤٣.
٥ البقرة: ٢٢.
٦ التوبة: ٦٠.
٧ الحاقة: ٧.
٨ الحجر: ٤.
٩ الشعراء: ٢٠٨.