الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ} ١. فـ "ثم" للتراخي في المرتبة، لأن الإخبار بتسليط الخذلان عليهم أعظم من الإخبار بتوليتهم الأدبار -أما جملتا ﴿مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ﴾ و ﴿لَنْ يَضُرُّوكُمْ﴾ فهما كلامان واردان على طريق الاستطراد عند إجراء ذكر أهل الكتاب، كما يقول القائل: "وعلى ذكر فلان، فإن من شأنه كيت وكيت". ولذلك جاءا من غير عاطف٢.
"ب" ويأتي التفصيل بعد الإجمال للإيضاح:
وذلك في آية الحث على الحج: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ ٣، وآية: ﴿وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ، أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ، وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ﴾ ٤، وآية: ﴿أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آَمِنِينَ، فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ، وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ﴾ ٥.
"ج" ويكون الإيضاح باللفت إلى معنى يحدده سياق الكلام:
وذلك في قوله تعالى: ﴿وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ﴾ ٦. يقول الزمخشري: قرأ جماعة "وأرجلكم" بالنصب، فدل على أن الأرجل مغسولة، فإن قلت: فما تصنع بقراءة الجر ودخولها في حكم المسح؟ قلت: الأرجل من بين الأعضاء الثلاثة المغسولة -تغسل بصب الماء عليها. فكانت مظنة للإسراف المذموم المنهي عنه، فعطفت على الثالث الممسوح لا لتمسح، ولكن لينبه على وجوب الاقتصاد في صب الماء عليها"٧.
٢ الكشاف ١/ ٤٥٥.
٣ آل عمران: ٩٧ والكشاف ١/ ٤٤٨.
٤ الشعراء: ١٣٢، ١٣٣، والكشاف ٣/ ١٢٢.
٥ الشعراء: ١٤٦-١٤٨، والكشاف ٣/ ١٢٣.
٦ المائدة: ٦.
٧ الكشاف١/ ٥٩٧.