١- مرحلة عدم استقرار المصطلح:
مر بنا كيف استأثر علم القراءات وعلم الخط العربي بمصطلح "الوقف والابتداء" و"الوقف والوصل" و"الفصل والوصل" ويبدو -فيما أرى- أن هذا ما أخر استقلال مصطلح "الفصل والوصل" في البلاغة بمفهومه المتعارف عليه، فالاهتمام بقراءة القرآن وكيفية كتابته أسبق من تدوين المصطلحات البلاغية والمؤلفات البلاغية نفسها.
وإلى أن استقرت الحال على مصطلح "الفصل والوصل" عنوانا على ربط المعاني وقطعها لأغراض بلاغية مرت مرحلة أسميها مرحلة "عدم استقرار المصطلح"، والسبب في ذلك أن النحويين والمفسرين والبلاغيين كانوا متأرجحين بينالأخذ بالمصطلح النحوي "العطف وتركه" والأخذ بمصطلح القراءات "الوصل والقطع" وبين شرح الفكرة بغض البصر عن المصطلح، لأن علم القراءات قد استحوذ على "الفصل والوصلط ولأن المضمون كان في أذهان هؤلاء العلماء أهم من المصطلح، ولنر ما حدث:
فسيبويه "ت ١٨٠هـ" يتكلم عن الوصل فيقول: "... لم يجز أن تدخل الفاء،... ولو قلتها بالواو حسنت"١ ويستعمل مصطلح "قطع" للفصل، يقول "باب بدل المعرفة من النكرة، والمعرفة من المعرفة وقطع المعرفة من المعرفة المبتدأة"٢ بينما يستعمل "الفصل" بمعناه اللغوي مع ضمائر الفصلن يقول "باب ما يكون فيه "هو وأنت وأنا ونحن وأخواتهن فصلا"٣ وينقل أبو حيان عن سيبويه "جواز عطف المختلفتين بالاستفهام والخبر"٤.
٢ الكتاب ٢/ ١٧٦، ١٧٨.
٣ الكتاب ١/ ٣٩٤، ٣٩٥.
٤ السبكي، عروس الأفراح ٣/ ٢٦، ٢٧ ط السعادة الثانية، ١٣٤٣هـ.