ونلحظ أن هذه الأجزاء التي جاءت لتؤكد أن يوم البعث حق وأن من ينكره سيعلمه علم اليقين، قد اختتمت بآية ﴿إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا﴾، وهي تكرار عرض الموضوع الرئيسي ﴿النَّبَإِ الْعَظِيمِ، الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ﴾، وقد جاءت -فيما أرى- بعد أن فندت الأجزاء السابقة سبب الاختلاف في يوم البعث فصارت مؤكدة لمجيئه، لذا عادت وقد سمي يوم البعث بـ "يوم الفصل" وأكد مجيئه بـ "إن" ووصف بأنه "ميقات" لا تحول عنه.
كل جزء مشهد مستقل، وكل الأجزاء تصل بنا إلى النتيجة النهائية.
وفي سورة "الإنسان" تصنف الآية الثانية عشرة ما سينال الصابرين من نعيم، فتقول:
﴿وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا﴾ "١٢". ثم تأتي الأجزاء الموصولة التي ستقوم بتصوير الجنة، وتوضح أشكال النعيم الذي سيجزى به الصابرون، فتقول في وصف الجنة:
﴿مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا﴾ "١٣".
﴿وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا﴾ "١٤".
﴿وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآَنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا﴾ "١٥".
﴿قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا﴾ "١٦".
﴿وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا﴾ "١٧".
﴿عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا﴾ "١٨".
﴿وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا﴾ "١٩".
﴿وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا﴾ "٢٠".
ثم تأتي الآية الحادية والعشرون لتفصل أمر الحرير، فتقول عنه:
﴿عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا﴾ "٢١".


الصفحة التالية
Icon