وعن واو الحال يقول الجرجاني: "وتسميتنا لها "واو الحال" لا يخرجها عن أن تكون مجتلبة لضم جملة إلى جملة، ونظيرها في هذا "الفاء" في جواب الشرط نحو "إن تأتني فأنت مكرم" فإنها وإن لم تكن عاطفة فإن ذلك لا يخرجها من أن تكون بمنزلة العاطفة في أنها جاءت لتربط جملة ليس من شانها أن ترتبط بنفسها"١.
والذي يهمنا هنا أن ثمة مواضع تقتضي ربط جملة الحال بالواو، وأخرى تقتضي طرح الواو، يوجزها الجرجاني بأن "كل جملة وقعت حالا ثم امتنعت من "الواو" فذاك لأجل أنك عمدت إلى الفعل الواقع في صدرها "أي في صدر جملة الحال" فضممته إلى الفعل الأول في إثبات واحد، وكل جملة جاءت حالا ثم اقتضت "الواو" فذاك لأنك مستأنف بها خبرا وغير قاصد إلى أن تضمها إلى الفعل الأول في الإثبات٢، ففصل الهيئة في نحو "جاءني زيد يسرع" قد أدخل "الإسراع" في صلة المجيء وجعلهما شيئا واحدا، موضحا للمجيء، أو مبنيا أو مؤكدا له.
وربط الحدث بالهيئة المصاحبة له بالواو أو طرحها، إنما يهدف إلى رصد الحركة التي نتجت عن حدوث الحدث أو صاحبته، فإن طرحنا الواو كان حدثا متحركا، حدثا مصورة هيئته حين وقع، وإن وصلنا كان حدثا صادرا عن فاعل متحرك. ويكون الحدث جزءا من حركته، فلننظر إلى هذه الآية الكريمة ﴿وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ﴾ ٣. فاسوداد وجوههم هيئة تصحبهم في الآخرة لما اقترفوه من إثم ولما سيلقونه من عذاب ولما يحسونه من ندم، والاسوداد هنا توكيد لما صدر عنهم من كذب، والتوكيد والمؤكد شيء واحد، كعطف البيان والبدل، ومثلها كل هيئة جاءت مفصولة عن الحدث
٢ الدلائل ٢١٣.
٣ الزمر: ٦٠.