العطف وتركه، والإضمار والإظهار والحذف والتكرار، وإن شئت كان الفصل بمعنى الفاصل من الخطاب الذي يفصل بين الصحيح والفاسد والحق والباطل والصواب والخطأ١.
وكأنه يرى أن ما يؤدي فصله إلى فساد وخلل وجب فيه الوصل، وما يؤدي وصله إلى فساد وخلل وجب فيه الفصل، في القراءات كان أو في البلاغة.
ولم يكن الزمخشري -شأنه شأن الجرجاني- في أثناء تطبيقه الفني لنظرية النظم منشغلا بالبحث عن "مصطلح" لأنه لا حاجة له فيه. وحين انتهت ممارسة التطبيق على يد الزمخشري، صارت مهمة السكاكي -الذي لم يجد في نفسه قدرة الجرجاني أو الزمخشري على الإبداع والإمتاع٢- أن ينظم ويرتب هذا البناء الشامخ. ومن طبيعة التنظيم والترتيب أن تجمع الجزئيات بعضها إلى بعض، وكذا الأشباه والنظائر ويستغنى عن الفضول والاستطراد وهنا يحتاج الأمر إلى المصطلح الذي يوجز الإطناب ويوفر الجهد ويساعد على الاستذكار، وقد كان.
وأطلق السكاكي "ت ٦٢٦هـ" مصطلح "كمال الاتصال" على ما سماه الجرجاني "الاتصال إلى الغاية" وذلك إذا كانت الجملة الثانية موضحة للأولى أو مبينة لها أو مؤكدة لها ومقررة، ويجب فيها الفصل٣ وأبقى على مصطلح "القطع" وجعله نوعين؛ أحدهما: أن يكون للكلام السابق حكم وأنت لا تريد أن تشركه الثاني في ذلك فتقطع، وثانيهما: أن يكون الكلام السابق بفحواه كالمورد للسؤال، فتنزل ذلك منزلة الواقع ويطلب بهذا الثاني وقوعه جوابا له فيقطع عن الكلام السابق لذلك -ثم قسم النوع الأول من
٢ د. أحمد مطلوب، البلاغة عند السكاكي، ٢١٧ وما بعدها ط العراق، بغداد.
٣ السكاكي، المفتاح ١٤١ ط الحلبي الثانية، ١٩٩٠م.