"ج" جواز وصل الجملة الخبرية بالجملة الإنشائية خلافًا للمشهور:
ذكر السبكي أن الشيخ "أبا حيان" نقل عن سيبويه جواز عطف المختلفتين بالاستفهام والخبر مثل: هذا زيد ومن عمرو؟ وقد تكلموا على ذلك في قوله تعالى: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ﴾ ١، ويعقب السبكي "لا خلاف بين الفريقين لأنه عند من جوزه يجوز لغة ولا يجوز بلاغة"٢.
ويعلق الدكتور عبد القادر حسين "ولا ندري لماذا لم يأخذ البلاغيون بجواز عطف الإنشاء على الخبر أو العكس، وإن وجدوا شيئا من ذلك أولوه، وقدروا عطف خبر على خبر أو إنشاء على إنشاء٣، ولماذا لم يكن شأن البلاغيين شأن النحاة في قبول هذا الرأي ولو كان البلاغيون رفضوا هذا النوع لأنهم لم يجدوا إلا أمثلة من صنع النحاة لالتمسوا لهم العذر في هذا الرفض. ولكن القرآن شاهد بهذه الآية على وجود هذه الصورة، ولا نقتنع بقول السبكي: إن هذا يجوز لغة ولا يجوز بلاغة... وقد ساورني الشك أول الامر على اعتبار أن الواو في قوله تعالى:
﴿وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ﴾ ربما تكون للحال وليست للعطف فتخرج الآية عن صحة الاستدلال بها في عطف الخبر على الإنشاء | ففتشت في تفسير الطبري والكشاف والقرطبي والبيضاوي فما وجدت أحدًا قد عرض لهذه الواو في كونها للعطف أو للحال"٤. |
- لأمن اللبس:
ذكر الجاحظ القصة المشهورة عن أبي بكر. قال: ومر رجل بأبي بكر رضي الله تعالى عنه ومعه ثوب. فقال: أتبيع الثوب؟ فقال: لا عافاك الله، فقال
٢ السبكي، عروس الأفراح ٣/ ٢٧.
٣ رجع د. عبد القادر إلى "السيالكوني" على المطول ٢٠ و٢١ ط استانبول.
٤ د. عبد القادر حسين، أثر النحاة في البحث البلاغي ٩٧ و٩٨ ط دار نهضة مصر للطبع والنشر.